2 ـ الرزق بيد الله سبحانه وتعالى ولكن ...!
لا نستفيد من الآية أعلاه فقط أنّ الرزق في زيادته ونقصانه بيد الله ، بل نستفيد من آيات أخر انّ الله سبحانه وتعالى يبسط الرزق لمن يشاء وينقصه لمن يشاء ، ولكن ليس كما يعتقده بعض الجهلاء من عدم الكسب والجلوس في زاوية البيت حتّى يبعث الله لهم الرزق ، ان هؤلاء الافراد ـ الذين يعتبر تفكيرهم السلبي ذريعة لمن يقول بأنّ الدين افيون الشعوب ـ قد غفلوا عن نقطتين اساسيتين هما :
اوّلا : انّ الارادة والمشيئة الالهيّة التي اشارت إليها الآيات القرآنية ليست مسألة اعتباطية وغير محسوبة ، بل ـ وكما قلنا سابقا ـ انّ المشيئة الالهيّة غير منفصلة عن حكمته جلّ وعلا وتدخل فيها الاستعدادات والتوفيقات.
ثانيا : انّ هذه المسألة لا تعني نفي الأسباب ، لانّ عالم الأسباب هو عالم الوجود ، وهذه العوالم وجدت بإرادة الله وهي غير منفصلة عن المشيئة التشريعيّة.
وبعبارة اخرى : انّ ارادة الله في مجال بسط الرزق نقصه مشروطة بشرائط تتحكّم في حياة الناس ، فالسعي والإخلاص والإيثار ، وبعكس ذلك الكسل والبخل وسوء النيّة ، لها دور فعّال وكبير ، ولهذا السبب نرى القرآن الكريم يشير مرارا الى انّ الإنسان رهين بسعيه وارادته وعمله ، وما يستفيده من حياته انّما هو بمقدار هذا السعي والاجتهاد( لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ) .
ولهذا فإنّ هناك بابا في السعي لتحصيل الرزق يذكره المحدّثون في موسوعاتهم الحديثة «كوسائل الشيعة» في باب التجارة ، ويوردون أحاديث كثيرة في هذا المجال ، كما انّ هناك أبوابا اخرى تذمّ البطالة والكسل ، ومن جملتها الحديث المرويّ عن الامام عليعليهالسلام حيث يقول : «انّ الأشياء لمّا ازدوجت ازدوج الكسل والعجز فنتجا بينهما الفقر»(1) .
وعن الامام الصادقعليهالسلام «لا تكسلوا في طلب معايشكم فإنّ آباءنا كانوا
__________________
(1) وسائل الشيعة ، المجلّد 12 ، صفحة 37.