بحيث تسرع انواع الأمراض الى البدن.
وجميع المجتمعات البشرية لها مثل هذه الحالة ، فلو ارتفعت هذه القوّة المدافعة عنها وهي ما عبّر عنه القرآن ب( أُولُوا بَقِيَّةٍ ) فإن جراثيم الأمراض الاجتماعية المتوفرة في كل زاوية من المجتمع سرعان ما تنمو وتتكاثر ويسقط المجتمع صريع الأمراض المختلفة.
ان اثر( أُولُوا بَقِيَّةٍ ) في بقاء المجتمع حساس للغاية ، حتى يمكن القول : انّ المجتمع من دون «اولي بقية» يسلب حق الحياة ، ومن هنا فقد وردت الاشارة إليهم في الآية المتقدمة.
من هم( أُولُوا بَقِيَّةٍ ) ؟
كلمة «اولوا» تعني الاصحاب ، وكلمة «بقيّة» معناها واضح اي ما يبقى ، ويستعمل هذا التعبير في لغة العرب بمعنى «أولو الفضل» لانّ الإنسان يدخر الأشياء النفيسة والجيّدة لتبقى عنده ، فالمصطلح( أُولُوا بَقِيَّةٍ ) يحمل في نفسه مفهوم الخير والفضل.
ونظرا لانّ الضعفاء ـ عادة ـ يرجّحون الفرار على القرار في ميدان المواجهة الاجتماعية ، او يصيبهم الفناء ، ولا يبقى في ميدان المواجهة إلّا من يتمتع بقوّة فكرية او جسدية ، وبذلك يبقى الأقوياء فقط ، ومن هذا المنطلق ايضا تقول العرب في أمثالها : في الزوايا خبايا وفي الرجال بقايا.
كما جاءت كلمة «بقيّة» في القرآن الكريم في ثلاثة موارد وهي تحمل هذا المفهوم ، حيث نقرا في قصّة طالوت وجالوت( إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى ) (1) .
وقرانا ايضا قصّة شعيب (في هذه السورة) مخاطبا قومه :( بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ
__________________
(1) سوره البقرة ، الآية 248.