3%

وفي الرّوايات المتعدّدة التي بين أيدينا من طرق الشيعة وأهل السنّة نقرأ أنّ هذا السؤال عن الروح أخذه المشركون من علماء أهل الكتاب الذين يعيشون مع قريش ، كي يختبروا به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ قالوا لهم : إذا أعطاكم الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معلومات كثيرة عن الروح فهذا دليل على عدم صدقه ، لذلك نراهم قد تعجبوا من إجابة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المليئة بالمعاني رغم قصرها وقلّة كلماتها.

ولكن نقرأ في بعض الرّوايات الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام ، في تفسير هذه الآية ، أنّ الروح مخلوق أفضل من جبرائيل وميكائيل ، وكان هذا المخلوق برفقة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبرفقة الأئمّة الصادقينعليهم‌السلام من أهل بيته من بعده ، حيث كان يعصمهم من أي انحراف أو زلل خلال مسيرتهم(1) .

إنّ هذه الرّوايات لا تعارض التّفسير الذي قلناه ، بل هي متناسقة معه وداعمة له ، لأنّ الروح الإنسانية لها مراتب ودرجات ، فتلك المرتبة من الروح الموجودة عند الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام ، هي في مرتبة ودرجة عالية جدّا ، ومن آثارها العصمة من الخطأ والذنب وكذلك يترتب عليها العلم الخارق. وبالطبع فإنّ روحا مثل هذه هي أفضل من الملائكة بما في ذلك جبرئيل وميكائيل. (فتدبّر)

أصالة واستقلال الرّوح :

يظهر تأريخ العلم والمعرفة الإنسانية أنّ قضية الروح وأسرارها الخاصّة كانت محط توجّه العلماء ، حيث حاول كل عالم الوصول إلى محيط الروح السري. ولهذا السبب ذكر العلماء آراء مختلفة وكثيرة حول الروح.

ومن الممكن أن تكون علومنا ومعارفنا اليوم ـ وكذلك في المستقبل ـ قاصرة عن التعرف على جميع أسرار الروح والإحاطة بتفصيلاتها ، بالرغم من أنّ روحنا هي أقرب شيء لدينا من جميع ما حولنا. وبسبب الفوارق التي تفصل بين

__________________

(1) تفسير نور الثقلين ، ج 3 ، ص 215.