يعود ذلك إلى عدم اهتمامه بمثل هذا الأمر. وفيما يتعلق بتعهده اتجاه صاحبه العالم ، فذاك منه لأنّه كان ينظر إلى ظواهر الأمور ، إذ من غير المألوف أن يعرّض أحد أرواح وأموال الناس إلى الضرر ، فضلا عن أن يكون ذلك الشخص هو العالم الكبير ، لذا فإنّ موسىعليهالسلام كان يعتبر نفسه مكلفا بالاعتراض ، وكان يعتقد بأنّ هذا الأمر لا يقيّد بالتعهد.
لكن من الواضح أنّ هذه التفاسير والآراء لا تتسق مع ظواهر الآيات.
5 ـ لماذا ذهب موسى لرؤية الخضر؟
في حديث عن ابن عباس قال : أخبرني أبي بن كعب قال : خطبنا رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «إنّ موسىعليهالسلام قام خطيبا في بني إسرائيل ، فسئل أي الناس أعلم؟
قال : أنا.
فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه. فأوحى إليه : إنّ لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك.
قال موسى : يا ربّ فكيف لي به؟
قال : تأخذ معك حوتا ...»(1) إلخ الرّواية حيث أرشد تعالى نبيّه موسى للوصول إلى الرجل العالم.
كما روي ما يشابه هذا الحديث عن الإمام الصادقعليهالسلام (2) .
إنّ مفاد هذه الواقعة هو تحذير لموسىعليهالسلام حتى لا يعتبر نفسه ـ برغم علمه ومعرفته ـ أفضل الأشخاص.
ولكن هنا يثار هذا السؤال : ألا يجب أن يكون النّبي ـ وهو هنا من أولي العزم وصاحب رسالة ـ أعلم أهل زمانه؟
__________________
(1) مجمع البيان ، ج 3 ، ص 481.
(2) نور الثقلين ، ج 3 ، ص 275.