3%

وهذا التعبير نفسه نقرأه في سورة يوسف حيث جاء البرهان الإلهي في أدق اللحظات وأخطرها ، في مقابل الإغواء الخطير وغير الاعتيادي لامرأة العزيز ، حيث قوله تعالى في الآية (24) من سورة يوسف :( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ ، كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) .

وفي اعتقادنا أنّ الآيات أعلاه ليست لا تصلح أن تكون دليلا على نفي العصمة وحسب ، بل هي واحدة من الآيات التي تدل على العصمة ، لأنّ التثبيت الإلهي هذا (والذي هو كناية عن العصمة أو التثبيت أو التثبيت الفكري والعاطفي والسلوكي) لا يخص فقط هذه الحالة ، وهذا الموقف ، بل هو يشمل الحالات المشابهة الأخرى ، وعلى هذا الأساس تعتبر الآية شاهدا على عصمة الأنبياء والقادة الإلهيين.

أمّا الآية الثالثة التي نبحثها والتي تقول :( إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً ) فهي دليل على صحة البحوث الخاصّة بعصمة الأنبياء ، حيث أنّ العصمة ليست حالة جبرية يلتزم فيها النّبي بلا ارادة منه أو وعي ، وإنّما هي توأم مع نوع من الوعي الذاتي والتي تنفذ مع الحرية ، لذا فإنّ ارتكاب ذنب في مثل هذه الحالات ليس محالا عقلا ، ولكن هذا الإيمان والوعي الخاص سوف يمنعان صدور الذنب ، فلا تتحقق المعصية عملا ، ولو فرضنا تحققها في الخارج فإنّه سينال عقوبات الجزاء الإلهي (دقق في ذلك)(1) .

2 ـ لماذا العذاب المضاعف؟

من الواضح أنّه كلما زاد مقام الإنسان من حيث العلم والوعي والمعرفة والإيمان ، ازدادت قيمة وعمق الأعمال الخيرة التي يقوم بها ، وبدرجة نسبة

__________________

(1) يمكن ملاحظة المزيد من التفاصيل عن الموضوع في كتاب (القادة الكبار).