الآية
( يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (104) )
التّفسير
يوم تطوى السّماء!
قرأنا في آخر آية من الآيات السابقة أنّ المؤمنين آمنون من الفزع الأكبر وهمّه ، وتجسّم هذه الآية رعب ذلك اليوم العظيم ، وفي الحقيقة تبيّن وتجسّد علّة عظمة وضخامة هذا الرعب ، فتقول :( يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) (1) .
لقد كان الناس في الأزمنة الغابرة يستعملون أوراقا كالطومار لكتابة الرسائل والكتب ، وكانوا يطوون هذا الطومار قبل الكتابة ، ثمّ أنّ الكاتب يفتح منه تدريجيّا ويكتب عليه ما يريد كتابته ، ثمّ يطوى بعد الانتهاء من الكتابة ويضعونه جانبا ، ولذلك فقد كانت رسائلهم ومثلها كتبهم أيضا على هيئة الطومار ، وكان هذا الطومار يسمّى سجلا ، إذ كان يستفاد منه للكتابة.
وفي هذه الآية تشبيه لطيف لطيّ سجل عالم الوجود عند انتهاء الدنيا ، ففي
__________________
(1) السجل : الدلو العظيمة ، والسّجلّ حجر كان يكتب فيه ، ثمّ سمّي كلّ ما يكتب فيه سجلا ـ مفردات الراغب والقاموس ـ وينبغي الالتفات إلى أنّه احتملت احتمالات عديدة في تفسير جملة( كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) إلّا أنّ أقربها أنّ «طي» مصدر للسجل الذي أضيف مفعوله ، واللام في (للكتب) إمّا للإضافة أو لبيان العلّة. دقّقوا ذلك.