ومعاص ، فيرتفع صراخه وعويله( قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ) .
ارجعني يا ربّ( لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ) . ولكن قانون الخلق العادل لا يسمح بمثل هذه العودة ، لا يسمح بعودة الصالح ولا الطالح ، فيأتيه النداء الدامغ( كَلَّا ) .
( إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ) . كلام لم يصدر من أعماقه. لم يصدر بإرادته ، إنّه يشبه كلام امرئ مسيء يردّد إذا أحسّ بالعقاب ، أو كلام قاتل حين إعدامه. ومتى هدأت العاصفة بوجههم عادوا لسابق أعمالهم القبيحة. وهذا يشبه ما ورد في الآية الثامنة والعشرين من سورة الأنعام( وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ ) .
وتشير الآية في نهايتها إلى عالم البرزخ الغامض بعبارة قصيرة ذات دلالة كبيرة( وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) .
* * *
بحوث
1 ـ من هو المخاطب في قوله تعالى :( رَبِّ ارْجِعُونِ ) ؟
بملاحظة كلمة «ربّ» التي هي مخفّف «ربّي» بمعنى إلهي ، تشير بداية الجملة إلى أنّ المخاطب هو الله سبحانه وتعالى ، إلّا أنّ مجيء «ارجعون» بصيغة الجمع يمنع أن يكون المخاطب هو اللهعزوجل . وهذا التعبيران في الجملة السابقة يثيران سؤالا وتساؤلا.
يرى عدد من المفسّرين أنّ المخاطب هو الله ، وصيغة الجمع هنا للاحترام والتعظيم. ولكن استعمال صيغة الجمع في مخاطبة المفرد ليس مألوفا في العربية ، خاصّة فيما مضى ، ولا نظير له في القرآن المجيد ، وبهذا يتّضح ضعف هذا