3%

يكون ذكر كلمة «الحقّ» بعد كلمة «الملك» ، هو أنّ الناس ينظرون إلى الملك بمنظار سيء وتتداعى في أذهانهم صور الظلم والطغيان والجور والاستعلاء والتجبّر التي تكون في الملوك غالبا ، ولذا فإنّ الآية تصف الله الملك سبحانه مباشرة بـ «الحقّ».

وبما أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعجّل في إبلاغ الوحي وما ينزل به من القرآن لاهتمامه به وتعشّقه أن يحفظه المسلمون ويستظهروه ، ولم يتمهّل أن يتمّ جبرئيل ما يلقيه عليه من الوحي فيبلغه عنه ، فإنّ الآية محلّ البحث تذكّره بأنّ يتمهّل فتقول :( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) .

ويستشفّ من بعض آيات القرآن الأخرى أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت تنتابه حالة نفسيّة خاصّة من الشوق عند نزول الوحي ، فكانت سببا في تعجّله كما في قوله تعالى :( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) (1) .

بحثان

1 ـ لا تعجل حتّى في تلقّي الوحي!

لقد تضمّنت الآيات الأخيرة دروسا تعليميّة ، ومن جملتها النهي عن العجلة عند تلقّي الوحي ، وكثيرا ما لوحظ بعض المستمعين يقفون كلام المتحدّث أو يكملونه قبل أن يتمّه هو ، وهذا الأمر ناشئ عن قلّة الصبر أحيانا ، أو ناشئ عن الغرور وإثبات وجود أيضا ، وقد يكون العشق والتعلّق الشديدة بشيء يدفع الإنسان ـ أحيانا ـ إلى هذا العمل ، وفي هذه الحالة ينبعث عن حافر مقدّس ، غير أنّ هذا الفعل نفسه ـ أي العجلة ـ قد يحدث مشاكل أحيانا ، ولذلك فقد نهت الآيات

__________________

(1) سورة القيامة ، الآية 15 ـ 16 ـ 17.