ثمّ تضيف الآية التالية :( إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ ) ومن هنا يتّضح أنّهم عند ما يقعون في قبضة العذاب ، ندمون على ما بدر منهم من أفعال ، ويصممون على تعديل سلوكهم وإصلاحه ، إلّا أن هذا الموقف الجديد مؤقت وسريع الزوال ، فما أن تهدأ عاصفة الأحداث حتى يعودوا لما كانوا عليه من قبل.
ويقول سبحانه في آخر آية من هذه الآيات( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ) .(١)
«البطش» هو تناول الشيء بصولة ، وهنا بمعنى الأخذ للانتقام الشديد ، ووصف البطشة بالكبرى إشارة إلى العقوبة الشديدة التي تنتظر هذه الفئة.
والخلاصة : أنّه على فرض تخفيف العقوبات المؤقتة في حق هؤلاء ، فإن العقوبات النهائية العسيرة تنتظرهم ، ولا مفرّ لهم منها.
«منتقمون» من مادة الانتقام ، وكما قلنا سابقا فإنّها تعني العقوبة والجزاء ، وإن كانت كلمة الانتقام تعطي معنى آخر في محادثاتنا اليومية في عصرنا الحاضر ، حيث تعني العقوبة المقترنة بإخماد نار الغضب وتفريغ ما في القلب من انفعال وحب الانتقام ، إلّا أن هذا الأمر لا وجود له في المعنى اللغوي للكلمة.
* * *
ملاحظة
ما المراد من الدخان المبين؟
هناك أقوال بين المفسّرين حول المراد من الدخان الذي ذكر في هذه الآيات كتعبير عن العذاب الإلهي ، وتوجد هنا نظريتان أساسيتان :
__________________
(١) احتمل المفسّرون في تركيب هذه الجملة احتمالات كثيرة ، وأكثرها قبولا من قبل المفسّرين ، وهو المناسب أيضا لسياق الآية : إن (يوم) متعلق بفعل (ننتقم) الذي يفهم من جملة (إنا منتقمون) وعلى هذا يكون التقدير : ننتقم منهم يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون.