3%

وتذكر آخر آية ـ من هذه الآيات ـ قول المؤمنين لدى ركوبهم المركب ، إذ يقولون :( وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) .

هذه الجملة إشارة إلى مسألة المعاد بعد الحديث حول التوحيد ، لأنّ الانتباه إلى الخالق والمبدأ ، يلفت نظر الإنسان نحو المعاد دائما.

وهي أيضا إشارة إلى أن لا تغترّوا عند ما تركبون هذه المراكب وتتسلّطون عليها ، ولا تغرقوا في مغريات الدنيا وزخارفها ، بل يجب أن تكونوا دائما ذاكرين للآخرة غير ناسين لها ، لأنّ حالات الغرور تشتد وتتعمّق في مثل هذه الموارد خاصّة ، والأشخاص الذين يتّخذون مراكبهم ووسائط نقلهم وسيلة للتعالي والتكبّر على الآخرين ليسوا بالقليلين.

ومن جهة ثالثة ، فإنّ الإستواء على المركب والانتقال من مكان إلى آخر يذكّرنا بانتقالنا الكبير من هذا العالم إلى العالم الآخر.

نعم فنحن أخيرا ننقلب إلى الله سبحانه.

* * *

ملاحظة

ذكر الله عند الانتفاع بالنعم :

من النكات الجميلة التي تلاحظ في آيات القرآن الكريم ، أنّ المؤمنين قد علّموا أدعية يقرءونها عند التنعّم بمواهب الله سبحانه ونعمه تلك الأدعية التي تصقل روح الإنسان وتهذّبها بمحتوياتها البنّاءة ، وتبعد عنها آثار الغرور والغفلة.

فيأمر الله سبحانه نوحاعليه‌السلام أن :( فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (١) .

ويأمره أيضا أن يقول عند طلب المنزل المبارك :( رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً

__________________

(١) المؤمنون ، الآية ٢٨.