3%

متى» ، فقال : وما يدريك من يونس بن متى؟ قال : «أنا رسول الله ، والله تعالى أخبرني خبر يونس بن متى» فعرف عداس صدق النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخرّ ساجدا لله تعالى ، ووقع على قدمي النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبلهما.

فلما رجع لامه عتبة وشيبة على ما صنع ، فقال : لقد أخبرني هذا الرجل الصالح بما يجهله أهل هذه البلاد من أمر نبيّنا يونس ، فضحكا وقالا : لا يفتننك عن نصرانيتك ، فإنّه رجل خداع!

فرجع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مكّة ، ولم يكن حاصل سفره هذا إلّا مؤمن واحد ، فوصل نخلا في جوف الليل ، فما إن حلّ حتى تهيّأ للصلاة ، وكان جماعة من الجن من أهل نصيبين أو اليمن يمرون من هناك ، فسمعوا صوت تلاوة القرآن في صلاة الصبح فأصغوا إليه وآمنوا(١) .

* * *

التّفسير

إيمان طائفة من الجن :

جاء في هذه الآيات ـ وكما أشير في سبب النّزول ـ بحث مختصر حول إيمان طائفة من الجن بنبيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتابه السماوي ، لتوضح لمشركي مكّة حقيقة ، هي : كيف تؤمن طائفة من الجن البعيدين ـ ظاهرا ـ بهذا النبي الذي هو من الإنس ، وبعث من بين أظهركم ، وأنتم تصرون على الكفر ، وتستمرون في عنادكم ومخالفتكم؟

وسيكون لنا بحث مفصل حول (الجن) وخصوصياته في تفسير سورة الجن إن شاء الله تعالى ، ونتناول هنا تفسير الآيات مورد البحث فقط.

__________________

(١) مجمع البيان ، المجلد ٩ ، صفحة ٩٢. وأورد هذه القصة باختلاف يسير ابن هشام في تأريخه (السيرة النبوية) ، المجلد ٢ ، صفحة ٦٢ ـ ٦٣.