رَبِّكَ ) فيمنحوا النبوّة من يشاءون ، وينزلوا عليه الكتاب السماوي ، وإذا لم يعجبهم إنسان أهملوه؟
هؤلاء على خطأ كبير ، فإنّ ربّك هو الذي يقسم رحمته ، وهو يعلم ـ أفضل من سواه ـ من يستحق هذا المقام العظيم ، ومن هو أهل له ، كما ورد ذلك في الآية (١٢٤) من سورة الأنعام أيضا :( اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ) .
فضلا عن ذلك ، فإنّ وجود التفاوت والاختلاف بين البشر من ناحية مستوى المعيشة ، لا يدلّ على تفاوتهم في المقامات والمنازل المعنويّة مطلقا ، بل :( نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا ) .
لقد نسي هؤلاء أنّ حياة البشر حياة جماعيّة ، ولا يمكن أن تدار هذه الحياة إلّا عن طريق التعاون والخدمة المتبادلة ، فإذا ما تساوى كلّ الناس في مستوى معيشتهم وقابليّاتهم ومكانتهم الاجتماعية ، فإنّ أصل التعاون والخدمة المتبادلة سيتزلزل.
بناء على هذا فينبغي أن لا يخدعهم هذا التفاوت ، ويظنّوا أنّه معيار القيم الإنسانية ، إذ :( وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) بل إن كل المقامات والثروات لا تعدل جناح بعوضة في مقابل رحمة الله والقرب منه.
إنّ التعبير بـ «ربّك» الذي تكرّر مرّتين في هذه الآية ، إشارة لطيفة إلى لطف الله الخاص بنبي الإسلام الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنحه مقام النبوّة والخاتميّة.
* * *
سؤالين مهمّين :
عند مطالعة الآية أعلاه يتبادر إلى الذهن سؤالان يستخدمهما أعداء الإسلام كحربة للطعن في الفلسفة الإسلاميّة :