قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء»(١) .
وعند ذلك كان الناس سينشغلون بالقيم الظاهرية الخداعة ، ويغفلون عن القيم الإلهيّة الواقعية.
على أية حال ، فإنّ أساس الثورة الإسلامية هو تغيير القيم ، وإذا ما أصبح مسلمو اليوم يعانون من ظروف صعبة خانقة ، وتحت ضغط الأعداء الجلادين القساة ، فإنّ ذلك ناتج عن تركهم لقيم الأصيلة ، وانتشار القيم والأعراف الجاهلية بينهم مرّة أخرى ، فأصبح المال والمنصب الدنيوي مقياس التقييم ، ونسوا العلم والفضيلة والتقوى ، وغرقوا في بحر المغريات والزخارف المادية ، وأضحوا غرباء عن الإسلام ، وما دام الوضع كذلك فيجب أن يدفعوا كفارة هذا الذنب العظيم ، وما داموا لم يشرعوا بالتغيير ابتداء من القيم الحاكمة على وجودهم ، فسوف لن تشملهم رحمة الله ولطفه ، وذلك :( إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ) (٢) .
٢ ـ جواب عن سؤال
بمطالعة الآيات المذكورة حول التحقير الشديد للزينة الظاهرية ، والثروة والمقام المادي ، يطرح هذا السؤال نفسه ، وهو : إذا كان الحق كذلك ، فلما ذا يقول القرآن في موضع آخر:( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) .(٣)
أو يقول في موضع آخر :( يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (٤) ، فكيف
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٢. الخطبة القاصعة.
(٢) الرعد ، الآية ١١.
(٣) الأعراف ، الآية ٣٢.
(٤) الأعراف ، الآية ٣١.