فرغوا من صلاتهم وجلسوا في أماكنهم ، فكان يشقّ الرجوع ويقول : تفسّحوا ، تفسّحوا حتى وصل إلى رجل من المسلمين فقال له : اجلس (مكانك هنا) فجلس خلفه مغضبا حتى انكشفت العتمة فقال ثابت لذلك الرجل : من أنت فقال : أنا فلان فقال له ثابت : ابن فلانة؟! وذكر اسم أمّه بما يكره من لقبها وكانت تعرف به في زمان الجاهلية فاستحيى ذلك الرجل وطأطأ برأسه إلى الأرض ، فنزلت الآية ونهت المسلمين عن مثل هذا العمل
وقيل إنّ جملة( وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ ) نزلت في أم سلمة إحدى أزواج النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّها كانت تلبس لبوسا خاصا أو لأنّها كانت قصير فكانت النساء يسخرن منها ، فنزلت الآية ونهت عن مثل هذه الأعمال!.
وقالوا إنّ جملة( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) نزلت في نفرين من الصحابة اغتابا صاحبهما «سلمان» لأنّهما كانا قد بعثاه نحو النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ليأتيهما بطعام منه ، فأرسل النّبي سلمان نحو «أسامة بن زيد» الذي كان مسئول بيت المال فقال أسامة ليس عندي شيء الآن فاغتابا أسامة وقالا إنّه بخيل وقالا في شأن سلمان : لو كنّا أرسلناه إلى بئر سميحة لغاض ماؤها «وكانت بئرا غزيرة الماء» ثمّ انطلقا ليأتيا أسامة وليتجسّسا عليه ، فقال لهما النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم إنّي أرى آثار أكل اللحم على أفواهكما : فقالا يا رسول الله لم نأكل اللحم هذا اليوم فقال رسول الله : أجل تأكلون لحم سلمان وأسامة. فنزلت الآية ونهت المسلمين عن الاغتياب(١) .
* * *
التّفسير
الاستهزاء وسوء الظنّ والغيبة والتجسّس والألقاب السيئة حرام!
حيث أنّ القرآن المجيد اهتمّ ببناء المجتمع الإسلامي على أساس المعايير
__________________
(١) راجع تفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ١٣٥ ، والقرطبي في تفسيره ، إذ ذكر هذا الشأن مع شيء من التفاوت.