يُنَازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ ) ( الحج ـ ٦٧ ).
والقول الوسط هو الأوسط، والشريعة الكاملة السمحة الصالحة لكلّ زمان وكلّ مكان هي الشريعة التي جاء بها الإسلام ونبيّه الأكرمصلىاللهعليهوآله .
ثم إنّه سبحانه يصرح بحكمة اختلاف الشرائع وتعددها بقوله:( وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) ( المائدة ـ ٤٨ ).
فإنّ الشريعة الواحدة إنّما تصلح لاُمّة مخلوقة على استعداد واحد، وحالة واحدة كسائر أنواع الخلق التي يقف استعدادها عند حد معين كالطير والنمل والنحل، وأمّا النوع الممتاز كالانسان الذي يرتقي في اطوار الحياة بالتدريج وعلى سنّة الارتقاء فلا تصلح له شريعة واحدة في كل طور من أطوار حياته، فشدة أحكام الانجيل في الزهد وترك الدنيا والخضوع لكل حاكم وكل معتد لا يمكن أن يؤخذ به في هذا العصر، ومثله ما في التوراة من أحكام شديدة كما لا يخفى.
نعم جاءت الرسل تترى، وتواصلت حلقات النبوّة في الأدوار الماضية إلى أن بعث الله آخر سفرائه، فأتم به نعمته وأكمل به دينه، فأصبح المجتمع البشري في ظل دينه الكامل وكتابه الجامع، غنياً عن تواصل الرسالة وتعاقب النبوّة، وأصبح البشر غير محتاجين إلى ارسال أي رسول بعده، إذ جاء الرسول بأكمل الشرائع وأتقنها وأجمعها للحقوق وبكل ما يحتاج إليه البشر في أدوار حياتهم وأنواع تطوّراتهم وفي الوقت نفسه فيها مرونة تتمشى مع جميع الأزمنة والأجيال، من دون أن تمس جوهر الرسالة الأصلي بتحوير وتحريف.
ولنا عودة إلى هذا الموضوع في الأبحاث الآتية.
لقد نص القرآن الكريم على ذلك تنصيصاً لا يقبل الشك والترديد، ولا يرتاب فيه من له أدنى إلمام باللغة العربية، وذلك في مواضع :