3%

مصدقاً لمن تقدم عليه وأتى في المقام بتعبير غير مألوف ولا مأنوس.

نحن نسأله: انّ تصديق من مضى من النبيين، ليس صفة خاصة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله فانّ المسيح كان أيضاً مصدقاً للماضين منهم، وما معهم من الكتب والصحف، كما حكى عنه سبحانه:( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) ( الصف ـ ٦ )، وعند ذاك فلماذا عرّفه سبحانه بوصف مشترك بين الأنبياء جميعاً.

ماذا يجينا المبدع إذا سألناه، وقلنا له: إنّ تشبيه الرسول الأعظم بالخاتم في التصديق وليد الأحلام الباطلة، وشتان بينهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين الخاتم، حتى في نفس وجه الشبه الذي اختلقه المبدع، فانّ الخاتم ليس هو نفسه مصدقاً، وإنّما هو آلة التصديق وما يصدق به، وإنّما المصدق انّما هو كاتب الصحيفة، وهذا بخلاف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّه هو المصدق نفسه.

لا أدري ماذا يجيب المشكك عن هذه الأسئلة ؟

نعم اختلقت هذا التشكيك بعض الأقلام المستأجرة، لتأييد أقاويل تلك الفئة وتسويل أباطيلهم، والكاتب أعرف ببطلانها، وقد عرفته الاُمّة، وعرفت نواياه، وما تخلّق به من روحيات ونفسيات.

التشكيك الثاني :

إنّ منصب النبوّة غير الرسالة، وما هو المختوم إنّما هو الأوّل دون الثاني فباب النبوّة وإن كان مختوماً بنص الآية، لكن باب الرسالة مفتوح على مصراعيه في وجه الاُمّة، ولم يوصد ولن يوصد أبداً.

واجلاء الحق في هذا المقام يتوقف على الوقوف على ما هو المقصود من النبي والرسول في الكتاب العزيز، وقد عقدنا لبيان الفرق بين النبي والرسول فصلاً خاصاً(١)

__________________

(١) سيوافيك هذا الفصل في الجزء الرابع من هذه الموسوعة.