وأمّا تفصيل الآيات التي تمثل رأي الإسلام في الدعوة إلى الدين والدنيا، إلى الروح والجسم، إلى المادة والمعنى، فليرجع فيه إلى الكتب المعدة لبيان ذلك.
ونختم البحث بكلمة عن أمير المؤمنينعليهالسلام حيث قال: للمؤمن ثلاث ساعات، ساعة يناجي فيها ربّه، وساعة يرم فيها معاشه، وساعة يخلي بينه وبين نفسه ولذاتها(١) .
فقد قرن بين عبادة الله وطلب الرزق وترفيه النفس، بحيث جعل الجميع في مستوى واحد، فندب إلى عبادة الله، كما ندب إلى طلب المعاش، وتوخي اللذة بحكم واحد بلا مفاضلة.
فلو كان أداء الصلاة والصوم والقيام بالحج وظيفة دينية، فشق الطريق لطلب الرزق والمعاش، والقيام بالنزهة بين الرياض أو سباحة في البحر والعمل الرياضي البدني، وظيفة دينية للمؤمن، كما نص الإمامعليهالسلام .
وهذا من الاُسس التي تنسجم مع الإسلام وتحول بينه وبين التصادم مع الحضارات المتواصلة، إلى عصرنا هذا، فإذا كان المنهج، منهجاً متوسّطاً بين المادية والروحية، مطابقاً لفطرة الانسان انقادت له مقاليد الحضارات الانسانية الصاعدة وارتفع التصادم.
إنّ الإسلام ينظر إلى المعاني والحقائق، لا المظاهر والقشور، ولذلك لا تجد في الإسلام مظهراً خاصاً من مظاهر الحياة، له من القداسة ما يمنع تغييره، ويوجب حفظه إلى الأبد بشكله الخاص، ولأجل ذلك لا يقع التصادم بين تعاليمه مع التقدم العلمي الهائل في مظاهره، وأشكاله الخارجية.
توضيحه: أنّه لا شك أنّه كان في زمن النبيصلىاللهعليهوآله هندسة خاصة للمساكن
__________________
(١) نهج البلاغة باب الحكم، رقم ٣٩٠.