10%

« إنّ الآية لا تدل على أنّ النبي كان اُمياً بل فيها أنّه لم يكن يكتب الكتاب وقد لا يكتب الكتاب من يحسنه كما لا يكتب من لا يحسنه ».

« ولو دلّت الآية على أنّه لم يكن يحسن الكتابة قبل الايحاء إليه، لدلّت بالمفهوم على أنّه كان يحسنها بعد الايحاء إليه، حتى يكون فرقاً بين الحالتين ولا يكون الاتيان بالقيد ـ قبله ـ لغواً »(١) .

وفي ما أفاده مواقع للنظر :

أوّلاً: ففرق واضح بين من يحسن الكتابة ويتركها، ومن لا يحسنها أصلاً، فانّ من يحسن الكتابة، لا يتركها دائماً، بل يتركها مؤقتاً بسبب ظروف تلم به ولا يصح الاستدلال بتركه مؤقتاً، على أنّه لا يحسنها ولا يستكشف حاله منه، وأمّا من لم يكتب منذ نعومة أظفاره إلى أن بلغ الأربعين بل ناهز الخمسين كما هو الحال بالنسبة إلى نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيعد ذلك دليلاً عند العرف على أنّه لا يحسنها أصلاً وبتاتاً.

فالآية حسب ما يفهم منها عرفاً، تدل على أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان اُمياً لا يقدر على الكتابة، وقوله سبحانه:( وَمَا كُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لاَّرْتَابَ المُبْطِلُونَ ) بالنظر إلى ذيله وهو رفع الشك عن قلوب المبطلين، كناية عن كونهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان اُمّياً لا يحسن شيئاً من القراءة، لا أنّه كان عارفاً بها ولكنّه تركها لمصلحة أو غيرها.

وثانياً: إنّ استفادة المفهوم من الآية ودلالة القيد ـ من قبله ـ عليه مشكلة جداً وإن قلنا بدلالته على المفهوم في مقام آخر، وذلك أنّ دلالة القيد عليه إنّما هي إذا كان بقاء الحكم وعدمه عند ارتفاع القيد سواسية، فعند ذلك يستدل بأخذ القيد في موضوع الحكم على دخله في الغرض وفي الحكم المذكور في القضية ويكون مرجعه إلى ارتفاع الحكم السابق بارتفاع القيد كما إذا قيل: أكل زيد قبل طلوع الشمس، وأمّا إذا كان بقاء

__________________

(١) التبيان: ج ٨ ص ٢١٦ ط لبنان ويظهر من الآلوسي في تفسيره الاعتماد على هذا الوجه.