على التلاوة عن ظهر القلب، ويؤيده أنّه لم يرو عن النبيصلىاللهعليهوآله في أيام رسالته أنّه تلا القرآن عن غير ظهر قلبه، أضف إلى ذلك ما ذكره المفسّرون في « صحف مطهرة » من الاحتمالات التي تخرجها عن محيط هذه الصحف المادية التي يرومها المستدل ومن شاء الاحاطة بها فليرجع إلى التفاسير.
ونظير ذلك قوله سبحانه:( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَىٰ * إلّامَا شَاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ ) ( الأعلى: ٧ ـ ٨ ) إذ معناه: سنقرأ عليك القرآن فلا تنساه ونجعلك قارئاً باذن منه فلا تنسى ما تتلقاه من أمين الوحي، إلّا بمشيئة منه فإنّ الاقراء والانساء كليهما بيده سبحانه، فلا يدل إلّا على تلاوة القرآن وقراءته عن ظهر القلب فقط كما كان هو دأب النبي في تلاوة كل ما اُوحي إليه، وهو غير ما يرومه الدكتور وأمثاله.
قال الزمخشري: بشّر الله تعالى باعطاء آية بيّنة وهي أن يقرأ عليه جبرئيل ما يقرأ عليه من الوحي وهو اُمّي لا يكتب ولا يقرأ فيحفظه ولا ينساه.
وأمّا الاستثناء فلا يدل على تحقق الانساء منه سبحانه بالنسبة إلى الرسولصلىاللهعليهوآله بل هو للتنبيه على أنّ الأمر كله بيده، وإن منحت كرامة الحفظ إليهصلىاللهعليهوآله فليس بمعنى تفويض الأمر إليه وخروجه عن يد الله سبحانه، بل الأمر في كلا الحالين بيده، فالله الذي جعله قارئاً لا ينسى، قادر على أن يصيره ناسياً لا يحفظ شيئاً، ولا يخطر على روعه شيء، فوزان الاستثناء في هذه الآية وزان الاستثناء في قوله سبحانه:( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إلّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) ( هود ـ ١٠٨ ).
فلا يدل على تحقق المشيئة في المستقبل منه سبحانه حتى ينافي خلود المؤمنين في الجنة.
استدل بعض الأعلام بقوله سبحانه:( وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) ( الفرقان ـ ٥ ) وفسّره في الكشّاف بقوله: اكتتبها: اكتتبها لنفسه