7%

بالنسبة إلى حاسّة السمع، والمسموعات التي ينالها السمع، شهادة بالنسبة إليه، وغيب بالنسبة إلى البصر، ومحسوساتهما جميعاً من الشهادة بالنسبة إلى الانسان الذي يملكهما في بدنه ومن الغيب بالنسبة إلى غيره من الاناسي(١) .

وبذلك يصح لنا أن نصطلح ونعبّر عن الغيب البحت(٢) ب‍ « الغيب عن العالم المادي » وعن الغيب النسبي ب‍ « الغيب في العالم ».

بما أنّ الغيب البحت، لا يخرج عن تحت الخباء، فلا يتفاوت حاله بحسب الظروف والأحوال، فالواجب على الانسان، الإيمان به، إذا قام الدليل على وجوده لامتناع شهودها، والتعرف على حقيقتها ما لم يخرق الانسان الحجب المادية، ولم يلق الستار عن مشاعره، حتى يتعرّف عليها كتعرّفه على المحسوسات ولا يحصل ذلك إلّا بالموت، والتحلل من الجسد، والتحرر من المادة حتى يصدق عليه قوله سبحانه :

( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ *لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) ( ق: ٢١ ـ ٢٢ ).

أنواع المغيبات في القرآن :

إنّ المغيبات الواردة في القرآن لا تزيد اُصولها على أقسام ثلاثة :

الأوّل :

الخبر عن الله سبحانه وأسمائه وصفاته، والخبر عن الروحانيات وملائكته وتدبيره العوالم الأرضية، والسماوية، وشؤون الاحياء بعد الموت في البرزخ وحالة الأرواح قبل المعاد وبعده من نعيم أو جحيم، والقرآن يموج بهذه المعاني الغيبية المطلقة التي لا

__________________

(١) الميزان: ج ٧ ص ١٢٨.

(٢) ما أسميناه غيباً بحتاً فإنّما هو مجرد اصطلاح ليحصل الفرق بين القسمين وإلّا فإنّما هو غيب بحت بالنسبة إلى العالم المادي، وأمّا بالنسبة إلى نفسه أو ما يسانخه من الموجودات أو الواجب سبحانه فليس غيباً أصلاً.