10%

مغيبات القرآن

وأخباره الغيبية

١. تنبؤ القرآن بعجز البشر عن معارضته بمثله :

لقد تحدى القرآن في مواضع عديدة من آيات سوره تحدّياً يثير روح المنافسة على أشدها في نفوس من يتحداهم، وتحققت نبوءة القرآن ولا تزال متحققة حيث انقرضت طبقة المخاطبين ومضت أجيال من عرب وأعجام، وكلهم اعترفوا بالعجز عن المعارضة مع كثرة من تتطاول أعناقهم إلى هدم بناء الدين، وإبطال معجزة الإسلام الخالدة.

إنّ المتأخرين من الناقدين لا يعييهم في العادة أن يستدركوا على السابقين إمّا نقصاً يعالجوه بالكمال أو كمالاً يعالجونه بما هو أكمل منه، وإذا فرضنا أنّ واحداً قد عجز عن هذا، فمن البعيد أن تعجز عنه جماعة، وإذا عجزت جماعة فمن البعيد أن تعجز اُمّة، وإذا عجزت اُمّة، فمن البعيد أن يعجز جيل، وإذا عجز جيل فمن البعيد أن تعجز أجيال، فكيف يصدر إذن مثل هذا التحدّي عن رجل يعرف ما يقول فضلاً عن رجل عظيم، فضلاً عن محمد أفضل المرسلين؟ وهل يمكن أن يفسر هذا التحدّي الجريء الطويل العريض، إلّا بأنّه استمداد من وحي السماء واستناد إلى من يملك السمع والأبصار، وحديث عن من بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه(١) .

__________________

(١) مناهل العرفان: ج ٢ ص ٢٦٨.