7%

السماوات والأرض، وحقيقتهما المستورة عن الافهام، في هذا الزمان، فهي مما استقر عليه ملكه تعالى، وله أن يتصرف فيه بالاخفاء تارة وبالاظهار اُخرى، وليست بصعبة عليه تعالى، فإنّما أمرها كلمح البصر أو أقرب من ذلك لأنّ الله على كل شيء قدير.

ومن ذلك يظهر المقصود من قوله سبحانه:( وَللهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ ) فإنّ الآيتين متقاربتان في المعنى والمقصد، ومفاد صدر الآية: يعني كونه سبحانه مالكاً لغيب السماوات، علّة لذيلها أعني قوله سبحانه:( وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ ) ورجوع الكل إليه، من غيب السماوات والأرض، ومن يملك غيبهما قادر على إرجاع الاُمور إليه.

ونظيره قوله سبحانه:( قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) ( الكهف ـ ٢٦ ) والمعنى إذا كان سبحانه مالكاً لغيب السماوات والأرض بحقيقة معنى الملك، وله كمال البصر والسمع، فهو أعلم بما لبثوا !!.

٢. ما يستفاد منه الحصر بمعونة القرائن :

وهناك آيات يستفاد منها الحصر بمعونة القرائن وهي كثيرة مثل قوله في بدء الخليقة عند تفنيد مزعم الملائكة:( أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ) ( البقرة ـ ٣٣ ) فالآية بصدد تنزيهه سبحانه عن الجهل وترفيعه على من سواه بصفة تختص به سبحانه ولا يشاركه فيها غيره، وقوله سبحانه:( إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) ( فاطر ـ ٣٨ ) وقوله سبحانه:( يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( المائدة ـ ١٠٩ ) والصيغة في المقام للتكثير لا للمبالغة نظير قوله سبحانه:( ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) ( آل عمران ـ ١٨٢ ) والمراد من اللفظين في كلا الموردين هو الانتساب إلى المبدأ أعني الغيب والظلم فيؤول المعنى إلى أنّه المنسوب إلى علم الغيب فقط دون غيره، أو أنّه لا صلة بينه وبين الظلم.