10%

والإخبار عن شؤون البشر في المستقبل، والايحاء إلى الملاحم والفتن ليس بأعلى من الوقوف على حقائق المسمّيات التي كلت دون إدراكها ملائكة الله سبحانه حتى أنبأهم وأطلعهم عليها.

٢. تنبّؤ نوحعليه‌السلام :

قال سبحانه:( وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا *إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إلّا فَاجِرًا كَفَّارًا ) ( نوح: ٢٦ ـ ٢٧ ).

لقد سار شيخ الأنبياء نوحعليه‌السلام باُمته سيراً سجحاً وتحمّل في سبيل دعوته المحن والكوارث، وجابه ضوضاء الشرك بالحكمة والموعظة الحسنة حتى يئس من إيمانهم، فدعا ربّه بإهلاكهم وإبادتهم مخبراً عن مآل قومه ومن يرثهم وذلك كما تقدم في الآية، أوليس هذا إخباراً عن عواقب اُمورهم وأخلافهم، وأنّه لن يؤمن أحد منهم ولا من أخلافهم ؟

ولعل المعترض يقول: إنّ نوحاً بعد أن قضى ردحاً مديداً من الزمن مع قومه، رأى أنّ البيئة الاجتماعية أصبحت منحرفة إلى درجة لا تسمح مطلقاً بمقتضى علمه العادي أن يوجد فيها فرداً صالح وهذا أمر متصور. أو أنّه وقف على مآل أمر قومه، بعد إخباره سبحانه بذلك كما قال:( وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إلّا مَن قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) ( هود ـ ٣٦ ).

أقول: هب أنّه فهم مآل قومه من القرائن أو من اخباره سبحانه لكنّه من أين وقف على أحوال خلفهم وإن من يرثهم لا يكون إلّا فاجراً كفاراً ؟ وليس ذلك إلّا بتعليم من الله واظهاره على نبيه باحدى الطرق.

٣. إبراهيمعليه‌السلام وملكوت السماوات والأرض :

إنّ القرآن يصف إبراهيم بصفات كثيرة ويشرح أمره في بدء الدعوة ويقول :