فالأولى تناول الآية بالبحث والتفسير حتى يتبيّن انّها تهدف إلى غير ما فسّره المستدل فنقول: يجب توضيح نقاط في الآيات.
الأُولى: ما معنى أُمنية الرسول أو النبي ؟ وإلى مَ يهدف قوله سبحانه:( إِذَا تَمَنَّىٰ ) ؟
الثانية: ما معنى مداخلة الشيطان في أُمنيّة النبي الذي يفيده قول الله سبحانه:( أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) ؟
الثالثة: ما معنى نسخ الله سبحانه ما يلقيه الشيطان ؟
الرابعة: ماذا يريد سبحانه من قوله:( ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ ) وهل المراد منه الآيات القرآنية ؟
الخامسة: كيف يكون ما يلقيه الشيطان فتنة لمرضى القلوب وقاسيتها ؟ وكيف يكون سبباً لإيمان المؤمنين، وإخبات قلوبهم له ؟
وبتفسير هذه النقاط الخمس يرتفع الإبهام الذي نسجته الأوهام حول الآية ومفادها فنقول :
أمّا الأُمنيّة قال ابن فارس: فهي من المنى، بمعنى تقدير شيء ونفاذ القضاء به، منه قولهم: مني له الماني أي قدر المقدر قال الهذلي :
لا تأمنن وان أمسيت في حرم | حتى تلاقي ما يمني لك الماني |
والمنا: القدر، وماء الإنسان: منيّ، أي يُقدّر منه خلقته. والمنيّة: الموت، لأنّها مقدّرة على كل أحد، وتمنّى الإنسان: أمل يقدِّره، ومنى مكة: قال قوم: سمِّي به لما قُدِّر أن يُذبح فيه، من قولك مناه الله(١) .
__________________
(١) المقاييس: ٥ / ٢٧٦.