3%

الثانية: انّه كان معترفاً بربوبيته نافياً ربوبية غيره، ولكنّه حيث كان بصدد هداية قومه وفكّهم من عبادة الأجرام، جاراهم في منطقهم لكي لا يصدم مشاعرهم ويثير عنادهم ولجاجهم، فتدرج في إبطال ربوبية معبوداتهم الواحد تلو الآخر، بما يطرأ عليها من الأُفول والغيبة والتحوّل والحركة مما لا يليق بالربّ المدبّر، ومثل هذا جائز للمعلم الذي يريد هداية جماعة معاندة في عقيدتهم، منحرفة عن جادة الصواب، وهذه إحدى طرق الهداية والتربية، فأين التكلّم بكلمة الشرك عن جد ؟!

وإلى ذلك الجواب أشار السيد المرتضى في كلامه بأنّ إبراهيمعليه‌السلام لم يقل ما تضمّنته الآيات على طريق الشك، ولا في زمان مهلة النظر والفكر، بل كان في تلك الحال موقناً عالماً بأنّ ربَّه تعالى لا يجوز أن يكون بصفة شيء من الكواكب، وانّما قال ذلك على أحد وجهين :

الأوّل: انّه ربّي عندكم، وعلى مذاهبكم، كما يقول أحدنا على سبيل الإنكار للمشتبه هذا ربّه جسم يتحرك ويسكن.

الثاني: انّه قال ذلك مستفهماً وأسقط حرف الاستفهام للاستغناء عنها(١) .

والوجه الأوّل من الشقين في هذا الجواب هو الواضح.

الآية الثانية

قوله سبحانه:( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ وَتَاللهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ *فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ *قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا

__________________

(١) تنزيه الأنبياء: ٢٣.