الشرط إلى القريب من الفعلين لا إلى البعيد، والرجوع إلى كلا الفعلين خلاف الظاهر أيضاً، وإليك توضيحه :
١. بل فعله كبيرهم: الفعل البعيد من الشرط.
٢. فاسألوهم: الفعل القريب من الشرط.
٣. إن كانوا ينطقون: هذا هو الشرط.
فرجوعه إلى الأوّل وحده، أو كليهما، خلاف الظاهر، والمتعين رجوعه إلى الثاني، فصار الحكم بأنّه فعله كبيرهم منجزاً لا مشروطاً.
استدلت المخطّئة لعصمة إبراهيم بالآية الثالثة، أعني قوله سبحانه:( وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ *إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ *إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ *أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ *فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ *فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ *فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ *فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ *فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ ) (١) .
فاستدلوا بقوله:( إِنِّي سَقِيمٌ ) قائلين بأنّه لم يكن سقيماً، وانّما ذكر ذلك عذراً لترك مصاحبتهم في الخروج عن البلد.
أضف إلى ذلك انّ قوله:( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ ) يشبه ما يفعله المنجمون حيث يستكشفون من الأوضاع الفلكية، الأحداث الأرضية.
والجواب: انّ الإشكال مبني على أنّهعليهالسلام قال:( إِنِّي سَقِيمٌ ) ولم يكن سقيماً، ولم يدل على ذلك دليل إذ من الممكن أنّه كان سقيماً في ذلك الوقت، وأمّا
__________________
(١) الصافات: ٨٣ ـ ٩١.