3%

قبيل الثاني، فقوله سبحانه:( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ) يؤوّل إلى جملتين: إحداهما مطلقة، والأُخرى مشروطة.

أمّا المطلقة فهي قوله:( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ) ، وهو يدل على تحقّق « الهم » من عزيزة مصر بلا تردد.

أمّا المقيدة فهي قوله:( وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ) وتقديره: « لولا أن رأى برهان ربّه لهمّ بها » فيدل على عدم تحقق الهم منه لـمّا رأى برهان ربّه، وأمّا الجملة المتقدمة على « لولا » أعني قوله( وَهَمَّ بِهَا ) فلا تدل على تحقق الهم، لأنّها ليست جملة منفصلة عمّا بعدها، حتى تدل على تحقق الهمّ، وانّما هي قائمة مكان الجواب، فتكون مشروطة ومعلّقة مثله، وسيوافيك تفصيله عن قريب.

٣. ما هو البرهان ؟

البرهان هو الحجة ويراد به السبب المفيد لليقين، قال سبحانه:( فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ) (١) ، وقال تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ ) (٢) ، وقال سبحانه:( أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (٣) ، فالبرهان هو الحجة اليقينية التي تجلي الحق ولا تدع ريباً لمرتاب، وعلى ذلك فيجب أن يعلم ما هذا البرهان الذي رآه يوسفعليه‌السلام ؟

والذي يمكن أن يكون مصداق البرهان في المقام هو العلم المكشوف واليقين المشهود الذي يجر النفس الإنسانية إلى طاعة لا تميل معها إلى معصية ،

__________________

(١) القصص: ٣٢.

(٢) النساء: ١٧٤.

(٣) النمل: ٦٤.