وفي الختام نذكر ما أفاده الرازي في المقام: قال: احتج الطاعنون في عصمة الأنبياء بهذه الآية بوجوه :
الأوّل: انّها دلّت على أنّهصلىاللهعليهوآله قرب من أن يفتري على الله، والفرية على الله من أعظم الذنوب.
الثاني: انّها تدل على أنّه لولا أنّ الله تعالى ثبته وعصمه لقرب أن يركن إلى دينهم.
الثالث: أنّه لولا سبق جرم وجناية لم يحتج إلى ذكر هذا الوعيد الشديد.
والجواب عن الأوّل: أنّ « كاد » معناها المقاربة، فكان معنى الآية قرب وقوعه في الفتنة، وهذا لا يدل على الوقوع.
وعن الثاني: أنّ كلمة لولا تفيد انتفاء الشيء، لثبوت غيره، نقول: « لولا علي لهلك عمر » ومعناه أنّ وجود عليعليهالسلام منع من حصول الهلاك لعمر، فكذلك هاهنا فقوله:( وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ ) معناه لولا حصل تثبيت الله لك يا محمد، فكان تثبيت الله مانعاً من حصول ذلك الركون.
وعن الثالث: انّ التهديد على المعصية لا يدل على الإقدام عليها، والدليل عليه آيات منها قوله تعالى:( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ *لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ) الآيات، وقوله تعالى:( لَئِنْ أَشْرَكْتَ ) وقوله:( وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ ) (١) .
لقد اطّلعت في صدر البحث على عصمة النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله على أنّ هناك
__________________
(١) مفاتيح الغيب: ٥ / ٤٢٠.