11%

بعضهم وخرج بعضهم عن مكة، ومن بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفوراً بظهوره عليهم.

فقال المأمون: لله درّك يا أبا الحسن(١) .

وقد أشرنا في صدر البحث إلى اختلاف الروايات في المراد من الفتح الوارد في الآية وقلنا بأنّ هذا الاختلاف لا يؤثر فيما نرتئيه، فلاحظ.

الآية الخامسة: العصمة والتولّي عن الأعمى

استدلّ المخالف لعصمة النبي الأعظم بالعتاب الوارد في الآيات التالية:( عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ *أَن جَاءَهُ الأَعْمَىٰ *وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ *أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ *أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ *فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ *وَمَا عَلَيْكَ إلّا يَزَّكَّىٰ *وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ *وَهُوَ يَخْشَىٰ *فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ ) (٢) .

روى المفسّرون أنّ عبد الله بن أُمّ مكتوم الأعمى أتى رسول الله وهو يناجي عتبة بن ربيعة، وأبا جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأُبيّاً وأُمية ابني خلف، يدعوهم إلى الله ويرجو إسلامهم ; فقال عبد الله: اقرئني وعلّمني ممّا علّمك الله، فجعل ينادي ويكرّر النداء ولا يدري أنّه مشتغل مقبل على غيره حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله لقطعه كلامه، وقال في نفسه: يقول هؤلاء الصناديد إنّما أتباعه العميان والسفلة والعبيد، فعبسصلى‌الله‌عليه‌وآله وأعرض عنه، وأقبل على القوم الذين يكلّمهم، فنزلت الآيات، وكان رسول الله بعد ذلك يكرمه، وإذا رآه يقول: مرحباً بمن عاتبني فيه ربّي(٣) . ويقول: هل لك من حاجة، واستخلفه

__________________

(١) بحار الأنوار: ١٧ / ٩٠.

(٢) عبس: ١ ـ ١٠.

(٣) أسباب النزول للواحدي: ٢٥٢.