3%

على المدينة مرتين في غزوتين(١) .

وهناك وجه آخر لسبب النزول روي عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، وحاصله أنّ الآية نزلت في رجل من بني أُميّة كان عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء ابن أُمّ مكتوم، فلمّا رآه تقذّر منه، وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه، فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه(٢) .

والاعتماد على الرواية الأُولى مشكل، لأنّ ظاهر الآيات عتاب لمن يقدم الأغنياء والمترفين، على الضعفاء والمساكين من المؤمنين، ويرجح أهل الدنيا ويضع أهل الآخرة، وهذا لا ينطبق على النبي الأعظم من جهات :

الأُولى : انّه سبحانه حسب هذه الرواية وصفه بأنّه يتصدى للأغنياء ويتلهّى عن الفقراء، وليس هذا ينطبق على أخلاق النبي الواسعة وتحنّنه على قومه وتعطّفه عليهم، كيف ؟ وقد قال سبحانه:( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣) .

الثانية: انّه سبحانه وصف نبيّه في سورة القلم، وهي ثانية السور التي نزلت في مكة ( وأُولاها سورة العلق ) بقوله:( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٤) ، ومع ذلك كيف يصفه بعد زمن قليل بخلافه، فأين هذا الخلق العظيم ممّا ورد في هذه السورة من العبوسة والتولّي ؟ وهذه السورة حسب ترتيب النزول وان كانت متأخرة عن سورة القلم، لكنّها متقاربة معها حسب النزول، ولم تكن هناك فاصلة زمنية طويلة

__________________

(١) مجمع البيان: ١٠ / ٤٣٧ وغيره من التفاسير.

(٢) مجمع البيان: ١٠ / ٤٣٧ ; تفسير القمي: ٢ / ٤٠٥.

(٣) التوبة: ١٢٨.

(٤) القلم: ٤.