3%

ولكن مع ذلك لا يبغيان، أي لا يتجاوز أحدهما حدّه فيغلب على الآخر بخاصيته، فلا الروح المجرّدة تجرّد البدن وتخرج به وتجعله من جنسه، ولا البدن يجسّد الروح ويجعله مادياً(١) .

تجد نظائر هذا في كتبه، كالفتوحات المكية، والفصوص، فيطبّق كثيراً من الآيات القرآنية على كثير من نظرياته الصوفية، وقد مني الإسلام بأصحاب الجمود في القرون الأُولى وحتى الآن، كما مني بالمؤوّلة من الباطنية والمتصوّفة من أوائل القرن الثالث حتى الآن.

التأويل باسم التفسير العلمي

غير أنّ التأويل قد اتخذ في العصر الحاضر لوناً خاصّاً واسماً فخماً، يطلق عليه التفسير العلمي، فالغاية عند هذه الطبقة إخضاع القرآن للمكتشفات العصرية فيما يتعلق بالأجرام السماوية والأرضية، والحيوانات والنباتات، والجواهر المعدنية، وقد ظهرت هذه النزعة في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، وأُلّفت هناك كتب أبسطها كتاب « الجواهر في تفسير القرآن الكريم » للشيخ طنطاوي جوهري المصري.

لكن التفسير بهذا النمط، إنّما يستحسن إذا وافق ظاهر الآية، غير أنّ المؤلفين في هذا القسم لا يكتفون بذلك بل يفسّرون القرآن لغاية إخضاعه للمكتشفات، ترى أنّهم يفسّرون قوله سبحانه:( وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ) (٢) بالميكروب، وقد ناقشنا هذا اللون من التفسير في بعض مسفوراتنا.

__________________

(١) تفسير ابن العربي: ٢ / ٢٨٠.

(٢) الفيل: ٣.