٢. تبديل بعض آياته ممّا فيه سبّ لآلهتهم وتنديد بعبادتهم الأوثان والأصنام.
فأجاب عن الثاني في نفس الآية بأنّ التبديل عصيان لله، وانّه يخاف من مخالفة ربّه، ولا محيص له إلّا اتّباع الوحي من دون أن يزيد فيه أو ينقص عنه.
وأجاب عن الأوّل في الآية المبحوث عنها بأنّه أمر غير ممكن، لأنّ القرآن ليس من صنعي وكلامي حتى أذهب به وآتي بآخر، بل هو كلامه سبحانه، وقد تعلقت مشيئته على تلاوتي، ولو لم يشأ لما تلوته عليكم ولا أدراكم به، والدليل على ذلك إنّي كنت لابثاً فيكم عمراً من قبل فما تكلّمت بسورة أو بآية من آياته، ولو كان القرآن كلامي لبادرت إلى التكلّم به طيلة معاشرتي معكم في المدّة الطويلة.
قال العلّامة الطباطبائي في تفسير الآية: إنّ الأمر فيه إلى مشيئة الله لا إلى مشيئتي فإنّما أنا رسول، ولو شاء الله أن ينزل قرآناً غير هذا لأنزل، أو لم يشأ تلاوة هذا القرآن ما تلوته عليكم ولا أدراكم به، فإنّي مكثت فيكم عمراً من قبل نزوله ولو كان ذلك إليّ وبيدي لبادرت إليه قبل ذلك وبدت من ذلك آثار ولاحت لوائحه(١) .
هذا آخر الكلام في عصمته عن العصيان، وصيانته عن الخلاف، بقي الكلام في عصمته عن الخطأ والنسيان، فنطرحها على بساط البحث إجمالاً.
إنّ صيانة النبي عن الخطأ والاشتباه سواء أ كان في مجال تطبيق الشريعة، أم
__________________
(١) الميزان: ١٠ / ٢٦. ولاحظ تفسير المنار: ١١ / ٣٢٠.
(٢) البحث كما يعرب عنه عنوان البحث، مركز على صيانة خصوص نبينا الأعظم عن الخطأ استدلالاً وإشكالاً وجواباً، وأمّا البحث عن عصمة غيره من الأنبياء فموكول إلى مجال آخر.