وقيادته نابعة عنه، والظالم هو المتجاوز عن الحد، المتمايل عن الصراط إلى اليمين والشمال(١) ، الواضع للشيء في غيرموضعه لا يصلح لهذا المنصب وحدوده.
إنّ الظالم الناكث لعهد الله، والناقض لدساتيره وحدوده على شفا جرف هار لا يؤتمن عليه، ولا تلقى إليه مقاليد الخلافة، ولا مفاتيح القيادة، لأنّه على مقربة من الخيانة والتعدّي، وعلى استعداد لأن يقع أداة للجائرين، فكيف يصح في منطق العقل أن يكون إماماً مطاعاً، نافذاً قوله، مشروعاً تصرفه، إلى غير ذلك من شؤون الإمامة ؟
إنّ بعض المناصب والمقامات تعيّن شروطها بنفسها، فمدير المستشفى، له شروط تختلف عن شروط قائد الجيش، وهكذا غيرهما.
فالإمامة الّتي لا تنفك عن التصرّف في النفوس والأموال، وبها يناط حفظ القوانين، يجب أن يكون القائم بها إنساناً مثالياً مالكاً لنفسه، وغرائزه، حتى لا يتجاوز في حكمه عن الحد، وفي قضائه عن الحق.
والمستفاد من الآية انّ الظلم بشتى ألوانه مانع من النيل لمقام الإمامة، لأنّ كلمة « الظالمين » بحكم كونها محلاّة باللام تفيد الاستغراق في الأفراد، فإذا كان الظالمون بعامة أفرادهم ممنوعين من الارتقاء إلى هذا المقام، يكون الظلم بكل ألوانه وصوره مانعاً عن الرقي والنيل لهذا المنصب الإلهي، فالاستغراق في جانب الأفراد يستلزم الاستغراق في جانب الظلم وأقسامه وتكون النتيجة مانعية كل فرد
__________________
(١) ونعم ما قال الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام : « اليمين والشمال مضلّة، والطريق الوسطى هي الجادة ». ( نهج البلاغة: قسم الخطب، الرقم ١٥.