تقييم هذه النظرية يتم بتبيين أُمور :
١. إنّ البحث عن عدالة الصحابي أو جرحه ليس لغاية إبطال الكتاب والسنّة، ولا لإبطال شهود المسلمين، لما سيوافيك من أنّ الكتاب شهد على فضل عدة منهم، وزيغ آخرين، وهكذا السنّة، والغاية في هذا البحث هي الغاية في البحث عن عدالة التابعين ومن تلاهم من رواة القرون المختلفة، فالغاية في الجميع هي التعرّف على الصالحين والطالحين، حتّى يتسنّى لنا أخذ الدين عن الصلحاء، والتنزّه عن أخذه عن غيرهم، فلو قام الرجل بهذا العمل وتحمّل العبء الثقيل، لما كان عليه لوم، فلو قال أبو زرعة مكان قوله الآنف، هذا القول: « إذا رأيت الرجل يتفحّص عن أحد من أصحاب الرسول لغاية العلم بصدقه أو كذبه، أو خيره أو شرّه، حتّى يأخذ دينه عن الخيرة الصادقين، ويحترز عن الآخرين، فاعلم أنّه من جملة المحققين في الدين والمتحرين للحقيقة » لكان أحسن وأولى، بل هو الحسن والمتعين.
ومن غير الصحيح أن يتهم العالم أحداً يريد التثبّت في أُمور الدين والتحقيق في مطالب الشريعة « بالزندقة » وأنّه يريد جرح شهود المسلمين لإبطال الكتاب والسنّة، وما شهود المسلمين إلّا الآلاف المكتظة من أصحابهصلىاللهعليهوآله ، فلا يضر بالكتاب والسنّة جرح لفيف منهم وتعديل قسم منهم، وليس الدين القيم قائماً بهذا الصّنف من المجروحين. « ما هكذا تورد يا سعد الإبل » !!
٢. انّ هذه النظرية تكونت من العاطفة الدينية الّتي حملها المسلمون تجاه الرسول الأكرمصلىاللهعليهوآله وجرتهم إلى تبنّي تلك الفكرة، وقد قيل: « من عشق شيئاً عشق لوازمه وآثاره ».