3%

الشيعة وفكرة التشريع

إنّ الشيعة الإمامية تعتقد بأنّ مصدر التشريع هو الله الجليل وانّه ليس للنبيِّ ـ فضلاً عن الأئمّة ـ حق التشريع، وانّه محصور في حقه سبحانه، وانّ الاعتقاد بذلك هو أحد مراتب التوحيد ودرجاته، وقد دلَّت الآيات على انحصار هذا الحق به سبحانه قال:( إِنِ الحُكْمُ إلّا للهِ أَمَرَ إلّا تَعْبُدُوا إلّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) (١) .

وليست هذه الآية هي الآية الوحيدة في هذا الباب، بل هناك طائفة من الآيات تتحد معها في حصر الحاكمية بالله سبحانه كما تحصر حق التقنين والتشريع به، ومن أجل ذلك يندد القرآن باليهود والنصارى حيث اتخذوا الأحبار والرهبان مصادر للتقنين بقوله سبحانه:( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ ) (٢) ، ومعنى الاعتقاد بربوبيتهم هو امتلاكهم زمام التحليل والتحريم، مع أنّ زمامهما بيده سبحانه لم يفوضهما لأحد.

قال الإمام الباقرعليه‌السلام : « يا جابر انّا لو كنّا نحدّثكم برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين، ولكنّا نحدّثكم بأحاديث نكتنزها عن رسول الله كما يكتنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم ».

وفي رواية أُخرى: « ولكنّا نفتيهم بآثار من رسول الله وأُصول علم عندنا نتوارثها كابراً عن كابر ».

وفي رواية محمد بن شريح عن الصادقعليه‌السلام : « والله ما نقول بأهوائنا ولا نقول برأينا ولا نقول إلّا ما قال ربُّنا ».

__________________

(١) يوسف: ٤٠.

(٢) التوبة: ٣١.