خدرها ، ثمّ مرّة ثانية »(١) .
والاحتجاج لإنكار ما ذكرنا بقوله تعالى :( لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى ) (٢) فاسد ؛ إذ المراد وصف أهل الجنّة ، فلا دلالة فيه على انتفاء الموت بعد السؤال وقبل دخول الجنّة.
والتخصيص بالموتة الأولى إنّما هو لظهورها ، والمقصود نفي الموت في الجنّة على طريق التعليق بالمحال ؛ إذ عود الموتة الأولى محال.
وكيف كان فالظاهر أنّ سؤال القبر عقيب الدفن لا في زمان يكون قريب الساعة.
[ المطلب ] الرابع : في بيان مراد أحوال الناس في القبر وعالم البرزخ ، بمعنى أنّ الأرواح بعد الموت ـ الذي قال الله في حقّه :( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) (٣) ـ وبعد إزهاق تلك الأرواح هل تعود للسؤال ونحوه إلى تلك الأبدان في القبر ونحوه من عالم البرزخ والقيامة الصغرى قبل الحشر أم لا؟
قولان : والحقّ هو الأوّل ، خلافا لما يقول أمثال النسخيّة القائلين بأنّ النفوس الناقصة التي بقي شيء من كمالاتها الممكنة بالقوّة تدور في الأبدان الإنسانيّة وتنتقل من بدن إلى بدن آخر حتّى تبلغ النهاية في كمالها من علومها وأخلاقها. وهذا الانتقال يسمّى نسخا.
والمسخيّة القائلين بأنّ النفوس المذكورة ربما تنزّلت من بدن الإنسان إلى بدن الحيوان الذي يناسبه كبدن الأسد للشجاع والأرنب للجبان. ويسمّى ذلك مسخا.
والرسخيّة القائلين بأنّها ربما تنزّلت إلى الأجسام النباتيّة. ويسمّى ذلك رسخا.
والفسخيّة القائلين بأنّها ربما تنزّلت إلى الأجسام الجماديّة كالمعادن والبسائط.
__________________
(١) « الكافي » ١ : ٤٥٣ ـ ٤٥٤ ، باب مولد أمير المؤمنينعليهالسلام مع الاختلاف ، ح ٢ ؛ بحار الأنوار ٦ : ٢٧٩.
(٢) الدخان (٤٤) : ٥٦.
(٣) الملك (٦٧) : ٢.