فحرد(١) هارون وقال : ويحك يا أعرابي ، مثلي من يسأل عن هذه المسألة؟
فقال : « سمعت ممّن سمع من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : من ولي أقواما وهب له من العقل كعقولهم ، وأنت إمام هذه الأمّة يجب أن لا تسأل عن شيء من أمر دينك ومن الفرائض إلاّ أجبت عنها ، فهل عندك له الجواب؟ ».
قال هارون : رحمك الله لا ، فبيّن لي ما قلته وخذ البدرتين.
فقال : « إنّ الله تعالى لمّا خلق الأرض خلق دبابات الأرض التي من غير فرث ودم ، خلقها من التراب وجعل عيشها ورزقها منه ، فإذا فارق الجنين أمّه لم تزقّه ولم ترضعه وكان عيشها من التراب ».
فقال هارون : والله ما ابتلي أحد بمثل هذه المسألة.
وأخذ الأعرابي البدرتين وخرج ، وتبعه بعض الناس وسأله عن اسمه فإذا هو موسى بن جعفر بن محمّدعليهمالسلام ، فأخبر هارون بذلك ، فقال : والله لقد كان ينبغي أن تكون هذه الورقة من تلك الشجرة(٢) .
على وفق ما انتخبت من كتاب « بحار الأنوار » وهي أيضا كثيرة :
منها : ما روي أنّه لمّا جعل المأمون الرضاعليهالسلام وليّ عهده وأقامه خليفة من بعده ، كان في حاشية المأمون أناس كرهوا ذلك ، وخافوا خروج الخلافة عن بني العبّاس وردّها إلى بني فاطمة ـ على الجميع السّلام ـ فحصل عندهم من الرضاعليهالسلام نفور ، وكان عادة الرضاعليهالسلام إذا جاء إلى دار المأمون ليدخل عليه ، يبادر من بالدهليز من
__________________
(١) حرد : تنحّى وتحوّل.
(٢) « بحار الأنوار » ٤٨ : ١٤١ ـ ١٤٣ ، ح ١٨ ، نقلا عن « مناقب آل أبي طالب » ٤ : ٣٣٦ ـ ٣٣٨.