وهذه الرواية واضحة أنّها بعد فتح الفتوح لأنّ الراوي أبو هريرة أسلم بعد فتح خيبر ، وهي تبطل دعواهم أنّ أبا بكر كان ينفق على مسطح بن أثاثة وقطعها بعد حادثة الأفك ، ثمّ رجع إليها
وأيضاً فإنّ التقوّل بإغناء رسول اللهصلىاللهعليهوآله بماله زخرف وباطل ، لأنّ النبيّصلىاللهعليهوآله قد استغنى بماله ، ومال كفيله وعمّه أبي طالب ، ومال خديجةعليهاالسلام في مكّة ، ولمّا هاجر إلى المدينة ، فتحت عليه الفتوح والغنائم ، ففي أيّ مقطع من الزمن كانصلىاللهعليهوآله يحتاج إلى ثروة أبي بكر ؟!
ولعلّ لتكلّف هذه المحاولات في شأن النزول المزعوم ، تردّد الآلوسي في تتمّة كلامه في قبول استدلال ابن أبي حاتم ، على ردّ قول الشيعة في هذا المجال ، إذ قال أخيراً : « وأطال الكلام ـ ابن أبي حاتم ـ في ذلك وأتى بما لا يخلو عن قيل وقال »(١)
« ـ الجزائر ـ سنّي ـ ٢٥ سنة »
س : قرأت كثيراً عن ذمّكم ، بل وتكفيركم للخليفة أبي بكر
أتساءل فقط بيني وبين نفسي ، هل يعقل أن يتحوّل ناصر الرسولصلىاللهعليهوآله ، وأوّل رجل أسلم في التاريخ ، ولو عدّدت مناقبه على قلّة اطلاعي ما انتهيت إلى رجل يسلب حقّاً من حقوق آل البيت ؟
لعمري لولا أبا بكر لهلكت الأُمّة بعد رسولناصلىاللهعليهوآله ، أنا والله أعلم لا أظنّ أنّ
__________________________________________________________
وتفسيرها بأبعد ما يكون فقال : وأمّا قولهما : أخرجنا الجوع ، وقولهصلىاللهعليهوآله :« وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما » ، فمعناه : أنّهما لما كانا عليه من مراقبة الله تعالى ، ولزوم طاعته والاشتغال به ، فعرض لهما هذا الجوع الذي يزعجهما ويقلقلهما ويمنعهما من كمال النشاط للعبادة ، وتمام التلذّذ بها سعياً في إزالته بالخروج في طلب سبب مباح يدفعانه به ، وهذا من أكمل الطاعات وأبلغ أنواع المراقبات
(١) روح المعاني ١٥ / ٣٧١