( هاشم ـ الكويت ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )
س : جاء في نهج البلاغة : « دعوني والتمسوا غيري ، فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان ، لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول ، وإنّ الآفاق قد أغامت ، والمحجّة قد تنكّرت.
واعلموا إنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل ، وعتب العاتب ، وإن تركتموني فأنا كأحدكم ، ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم ، وأنا لكم وزيراً ، خير لكم منّي أميراً »(١) .
ما مدى صحّة هذه الرواية؟ نرجو منكم شرح الرواية ، وفّقكم الله لكلّ خير.
ج : هذه الخطبة مع تفاوت يسير نقلها الطبري في تاريخه(٢) عن سيف ، وروايات سيف كلّها كذب وافتعال ، وخلاف أهل السير ، أمّا كلاً وإمّا جزءً.
وعليه قد تكون هذه الخطبة لا صحّة لها ، ولا واقع ؛ لضعف راويها سيف.
وعلى فرض صحّة هذه الخطبة نقول : كان غرض الطالبين لبيعتهعليهالسلام أن يسيرعليهالسلام فيهم مثل سيرة من سبق عليه ، وكانعليهالسلام تفرّس ذلك منهم ، وعرفه من وجنات حالهم ؛ لذلك خاطبهم بقوله : «وإن الآفاق قد أغامت والمحجّة قد تنكّرت ».
فخاطبهم بهذا الكلام إتماماً للحجّة ، وإعلاماً لهم بأنّهعليهالسلام إن قام فيهم بالأمر لا يجيبهم إلى ما طمعوا فيه من الترجيح والتفضيل ، أي تفضيل العربي على الأعجمي ، والموالي على العبيد ، والرؤساء على السفلة.
وأنّهعليهالسلام مبدأه العدل بين الرعية ، والتسوية في القسمة ، وهذا ممّا لا تقوم له القلوب ـ أي لا تصبر عليه ـ ولا تثبت عليه العقول ، بل تنكره وترفضه.
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ٧ / ٣٣.
٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٥٦.