2%

( أُمّ محمّد ـ الكويت ـ ٤٠ سنة ـ خرّيجة جامعة )

وصيته ليزيد إن ظفر بالحسين :

س : ورد في رواياتنا وصية معاوية لابنه يزيد ، وكان فيها إشارة إلى معرفة معاوية لحقّ الحسينعليه‌السلام : « وأمّا الحسين فقد عرفت حظّه من رسول الله , وهو من لحم رسول الله ودمه , وقد علمت لا محالة أنّ أهل العراق سيخرجونه إليهم ، ثمّ يخذلونه ويضيّعونه , فإن ظفرت به فاعرف حقّه ومنزلته من رسول الله , ولا تؤاخذه بفعله , ومع ذلك فإنّ لنا به خلطة ورحماً , وإيّاك أن تناله بسوء , أو يرى منك مكروهاً ».

فهل يعقل ذلك أم في الروايات مآخذ؟

ج : الحديث نقله من أصحابنا الشيخ الصدوققدس‌سره (١) ، وفي السند الذي ذكره أفراد مجهولون ، فلهذا لا يمكن الوثوق بصحّة مثل هكذا حديث.

ولو سلّمنا بصحّة السند ، فهو يدلّ على مدى الوقاحة لدى يزيد أن أقدم على قتل الحسينعليه‌السلام ، وهو عارف بحقّه ، ويدلّ أيضاً على مدى الدهاء الذي يتمتّع به معاوية الغاصب للخلافة ، والمحارب لأبي الحسينعليهما‌السلام ، العارف بحقّهما وقربهما من رسول الله ، والذي يجيز لابنه الظفر بالحسينعليه‌السلام ، ولا يجيز له أن يناله مكروه ، لأنّه يعلم أنّ إلحاق الأذى بالحسينعليه‌السلام سوف يزلزل ملك ابنه ، فهو معلّم لابنه أُسلوباً من أساليب الدهاء ، التي لم يجد الابن ممارستها.

وبالتمحيص في شخصية معاوية لا يبدو غريباً أن يصدر منه مثل هكذا وصيّه ، فقد عُرف بالمكر والخداع والدهاء ، وصدور مثل هكذا وصيّة من معاوية لا يعدّ فضيلة له ، بل فيها أكبر إدانة له ، حيث يعلّم ابنه الأساليب المناسبة للتسلّط على المسلمين ، وكبح جماح المعارضين ، وفي تسلّط يزيد

__________________

١ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٢١٦.