فائدتان يناسب ذكرهما الباب
الأوّل : وذكرت الصحيفة السجّاديّة عند بليغ في البصرة فقال: خذوا عنّي حتّى أملي عليكم، وأخذ القلم وأطرق رأسه فما رفعه حتّى مات.
أقول : ولا غرو في ذلك فإنّ في هذه الصحيفة الشريفة دورة كاملة لاُصول الإنسانيّة دنيويّة واُخرويّة، ومسحة من العلم الإلهي، وعتبة من الكلام النبوي.
كيف لا؟ وهي قبس من نور مشكاة الرسالة، ونفحة من شميم رياض الإمامة، حتّى قال بعض العارفين: إنّها تجري مجري التنزيلات السماويّة وتسير مسير الصحف اللوحيّة والعرشيّة لما اشتملت عليه من أنوار حقائق المعرفة، وثمار حدائق الحدائق الحكمة.
وكان أخيار العلماء وجهابذة(١) القدماء من السلف الصالح يلقّبونها بزبور آل محمّد عليهم السلام وإنجيل أهل البيت عليهم السلام.
وأمّا بلاغة بيانها؛ فعندها تسجد سحرة الكلام، وتذعن بالعجز مدارة الأعلام، وتعترف بأنّ النبوّة غير الكهانة، ولايستوى الحقّ والباطل في المكانة، ومن حام حول(٢) سمائها بغاسق(٣) فكرة الواقب(٤) رمي من رجوم الخلان بشهاب ثاقب.
الثانية: في الإحتجاج : بالإسناد إلى أبي محمّد العسكري عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام
____________________
(١) الجِهباذ: النقّاد الخبير بغوامض الاُمور، جمعة: جَهابذة.
(٢) حام حول الشيء: دار.
(٣) الغاسق: الليل إذا غاب الشفق واشتدّت ظلمته.
(٤) الوَقْبُ: النذل الدنيء.