فقد لقينا الذي لم يلقه أحد | من البرية لا عجم ولا عرب | |
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت | لنا العيون بتهمال له سكب(١) |
ثُمَّ ذهبت الصديقة فاطمةعليهاالسلام فتبعها رافع بن رفاعة الزرقي فقال لها : يا سيدة النساء ، لو كان أبو الحسن تكلّم في هذا الأمر وذكر للناس قبل أن يجري هذا العقد ، ما عدلنا به أحداً. فقالت فاطمةعليهاالسلام :« إليك عني ، فما جعل
الله لأحد بعد غدير خمّ من حجّة ولا عذر » .
قال الراوي : فما رأينا يوماً كان أكثر باكياً ولا باكية من ذلك اليوم ، وارتجّت المدينة ، وهاج الناس ، وارتفعت الأصوات.
لمّا مرضتعليهاالسلام المرضة التي تُوفّيت فيها ، دخلت عليها نساء المهاجرين
والأنصار يعدنها ، فخطبت فيهن ، وكان من كلامها في الدفاع عن الإمامة :
« ويحهم أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ،
ومهبط الروح الأمين ، والطبين باُمور الدنيا والدين؟! ( أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ
الْمُبِينُ ) (٢) . وما الذي نقموا من أبي الحسن ؟! نقموا والله منه نكير سيفه ،
وقلّة مبالاته لحتفه ، وشدّة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله.
وتالله لو مالوا عن المحجّة اللائحة ، وزالوا عن قبول الحجّة ، لردّهم إليها ،
_____________
(١) من مصادر هذه الخطبة : بلاغات النساء / ابن طيفور : ٢٣ ، دلائل الإمامة /
الطبري الإمامي : ١١٤ ـ ١١٨ / ٣٦ ، الاحتجاج / الطبرسي ١ : ١٤٦ ، كشف
الغمّة / الاربلي ٢ : ١٠٨ ، وغيرها.
(٢) سورة الزمر : ٣٩ / ١٥.