11%

« إليكم عنّي ، فلا عذر بعد تعذيركم ، ولا أمر بعد تقصيركم » (١) .

وصية الصديقة فاطمة عليها‌السلام :

أحسّت سيّدة نساء العالمينعليها‌السلام بدنوّ أجلها ، واشتدّت وطأة المرض عليها ، فقد أنهكتها الكوارث والمصائب التي ألمّت بها بعد وفاة أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولاحت عليها بوادر الضعف ، وانهارت قواها ، فأيقنت أنه حان موعد الالتحاق بأبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله والاجتماع به في جوار الربّ الكريم.

لقد مرضت الصدّيقة مرضاً شديداً ، ومكثت أربعين ليلة ، فلمّا نعيت إليها نفسها ، دعت أُم أيمن وأسماء بنت عميس ووجّهتْ خَلْفَ عليعليه‌السلام وأحضرته ، فقالت :« يا ابن عم ، إنّه قد نعيت إلي نفسي ، وإني لا أرىٰ ما بي إلّا أنّني
لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة ، وأنا اُوصيك بأشياء في قلبي »
.

قال لها عليعليه‌السلام :« أوصيني بما أحببتِ يا بنت رسول الله » ! فجلس عند
رأسها وأخرج من كان في البيت ، ثمّ قالت : « يا ابن عم ، ما عهدتني كاذبة ولا
خائنة ، ولا خالفتك منذ عاشرتني »
فقال عليعليه‌السلام :« معاذ الله ، أَنت أَعلم بالله
وأبرّ وأتقىٰ وأكرم وأشدّ خوفاً من الله من أن أوبّخك بمخالفتي ، قد عزّ عليَّ
مفارقتك وفقدك ، إلّا أنه أمر لابدّ منه ، والله جدّدتِ عليّ مصيبة رسول
الله
صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد عظمت وفاتك وفقدك ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من مصيبة ما _____________

(١) من مصادر هذه الخطبة : بلاغات النساء / ابن طيفور : ٣٢ ، دلائل الإمامة /
الطبري الإمامي : ١٢٦ ـ ١٢٩ / ٣٧ و ٣٨ ، معاني الأخبار / الصدوق : ١٠١ ط
إيران ، الأمالي / الطوسي : ٢٣٨ ، الاحتجاج / الطبرسي ١ : ١٤٩ ، شرح نهج
البلاغة / ابن أبي الحديد ١٦ : ٢٣٤ ، وغيرها من المصادر المعتبرة.