التأسّي بسنّتك وفي فرقتك موضع تعزِّ ، فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك ،
وفاضت نفسك بين صدري ونحري ، وفي كتاب الله نعم القول ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا
إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) قد استُرجعت الوديعة ، وأخذت الرهينة ، واختلست الزهراء ،
فما أقبح الخضراء والغبراء ! يا رسول الله ، أمّا حزني فسرمد ، وأمّا ليلي
فمسهّد ، ولا يبرح ذلك عن قلبي حتىٰ يختار الله لي دارك التي أنت بها » .
إلى أن قال :« فبعين الله تُدفن ابنتك سرّاً ، وأن يُهتضم حقّها ، ويُمنع إرثها
جهراً ، وما بعد منك العهد ، ولا اخلولق منك الذكر ، فإلىٰ الله ـ يا رسول الله ـ
المشتكىٰ ، وبك أجمل العزاء ، صلوات الله عليك ، وعليها السلام
والرضوان »(١) .
اختلفت الروايات في تحديد موضع قبر الصديقةعليهاالسلام فقد رُوي أنّها دُفنتعليهاالسلام في بيتها ، ومستند ذلك إلىٰ الرواية الواردة عن سهل ، عن البزنطي ، عن الإمام الرضاعليهالسلام حينما سُئل عن قبر فاطمةعليهاالسلام ؟ فقال الإمامعليهالسلام :« دُفنت في بيتها ، فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد » (٢) .
ورُوي أنها دُفنت في الروضة (بين القبر والمنبر) ، ومستند ذلك إلىٰ الرواية
الواردة عن الشيخ المفيد رحمهالله عن ابن أبي عمير مرسلاً عن الصادقعليهالسلام حيث
قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة » ،
_____________
(١) أمالي المفيد : ٢٨١ / ٧ ، الكافي / الكليني ١ : ٤٥٨ / ٣ ، تذكرة الخواص /
سبط ابن الجوزي : ٣١٩ ، كشف الغمّة / الاربلي ١ : ٥٠٤.
(٢) الكافي ١ : ٤٦١ / ٩.