للهجرة المباركة وفي المدينة المنوّرة ، غمر بيت الرسالة الطاهر موج من السرور والبهجة احتفاءً بمولد الباقرعليهالسلام .
لقد استأثر الرسولصلىاللهعليهوآله بتحديد اسم هذا المولود الكريم ولقبه ، كما ورد في رواية الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريرضياللهعنه حين أخبره رسول اللهصلىاللهعليهوآله بقوله :« يُوشك أن تبقىٰ حتىٰ تلقىٰ ولداً لي من الحسين يُقال له ـ
محمّد ـ يبقر علم الدين بقرا ، فإذا لقيته فاقرئه منّي السلام ! » (١) .
وبناءً علىٰ ذلك فأنّ لقب (الباقر) يعني : المتبحّر بالعلم والمستخرج لغوامضه ولبابه وأسراره والمحيط بفنونه.
لقد كتب علىٰ أُم الإمام الباقرعليهالسلام فاطمة بنت الإمام الحسن السبطعليهالسلام بعد ولادة الإمام الباقرعليهالسلام بنحو أربع سنين أن تعيش مأساة كربلاء بكل تفاصيلها ، إذ كانتعليهاالسلام ضمن الركب المقدّس من آل محمّدصلىاللهعليهوآله الذي خرج من المدينة المنوّرة علىٰ أثر ما حصل بعد هلاك طاغية الزمان معاوية بن أبي سفيان ومجيء ابنه اللعين الفاجر إلىٰ السلطة. وهكذا شاهدت في طريقها كل ما شاهده الحسينعليهالسلام وصولاً إلىٰ كربلاء ، وعاشت تلك اللحظات التي ثقلت وامتدّت كأنها الزمان كلّه ، ورأت مصرع عمّها الحسين ومصارع بقية الشهداء من أهلهاعليهمالسلام وأصحابهم الأطهار ، ثم عانت بعد ذلك ما عانته سائر حرم الله ورسولهصلىاللهعليهوآله من السبي والاضطهاد ، كل ذلك وهي ترىٰ زوجها العظيم السجّادعليهالسلام عليلاً ومكبّلاً بالقيود أسيراً إلىٰ بغي من بغايا آل أمية.
_____________
(١) الإرشاد / المفيد ٢ : ١٥٩ ، ط مؤسسة آل البيتعليهمالسلام .