حياتهما ، وفرع النبوة الشامخ وظلّه المستطيل ، ومستودع نور النبوة المتقلّب في أصلاب الساجدين ، فحقّ لهذا البيت النبوي أن يزهو بمناغاة فاطمة ، ويمتلئ سروراً بابتساماتها المشرقة الوليدة ، لقد ولدت فاطمة ودرجت في بيت النبوة ، وترعرعت في ظلال الوحي ، ورضعت من لبن اُمّها خديجة حبّ الإيمان ومكارم الأخلاق وحنان خاتم الأنبياء والرسل(١) ، وقد وردت عدة روايات تشير إلىٰ عظمة البتول وهي جنين في بطن اُمّها خديجةعليهاالسلام (٢) .
لمّا رأت قريش أن الإسلام بدأ يتّسع ويزيد ، وأن أموال السيدة خديجة أصبحت كلّها في يدي رسول اللهصلىاللهعليهوآله ومساعده عمّه أبي طالبعليهالسلام ووزيره ابن عمّه وتلميذه عليعليهالسلام ، اجتمعت علىٰ مقاطعة ومنابذة بني هاشم رضوان الله عليهم والتضييق عليهم بمنعهم حضور الأسواق فلا يبايعونهم ولا يشارونهم ، ولا يقبلوا لهم صلحاً ولا تأخذهم بهم رأفة حتىٰ يسلّموا محمّداًصلىاللهعليهوآله للقتل أو ترك الدعوة إلىٰ الله عزّوجلّ.
فحوصر بنو هاشم وبنو عبد المطلب في شعب أبي طالب ، وبقي المسلمون ثلاث سنوات متتالية حتىٰ جهد المؤمنون ومن معهم جوعاً وعرياً ، ونتيجة لذلك الحصار فقد مرضت السيدة خديجة الكبرىٰ مرضاً شديداً ، ودخل عليها رسول اللهصلىاللهعليهوآله وهي تجود بنفسها ووقف ينظر إليها والألم يعتصر قلبه الشريف ثمّ قال : « بالكُره منّي ما أرى ».
_____________
(١) الصديقة فاطمة الزهراءعليهاالسلام / مؤسسة البلاغ : ٢٠.
(٢) دلائل الإمامة / الطبري : ٧٧ / ١٧ باب ولادة فاطمةعليهاالسلام .