14%

فقال: كراؤك جمالك من هذا الطاغية (يعني هارون)، فقال صفوان والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو ولكن أكريته لهذا الطريق ـ يعني طريق مكة ـ ولا أتولاه بنفسي، ولكن أبعث معه غلماني فقال له الامام، يا صفوان، أيقع كراك عليهم؟ نعم جعلت فداك، فقال: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراك؟ قال نعم، فقالعليه‌السلام من أحبَّ بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان وارداً للنار.

أقول موقف الامامعليه‌السلام صريح ومطابق للقرآن الكريم، قال تعالى: «وَلَا تَرْكَنُوا
إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ
». وحذّرعليه‌السلام شيعته من الدخول في سلك حكومة هارون والتلبس بأي وظيفة من وظائف دولته، فقالعليه‌السلام لزياد بن ابي سلمة: (يا زياد، لأن أسقط من شاهق فأتقطع قطعة قطعة أحب إليَّ من أن أتولى لهم عملاً أو أطأ بساط رجل منهم)(١).

كيفية سجن الإمام ؟

لما سافر هارون إلى مكة عام ١٧٩ هـ بدأ بقبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال مخاطباً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
يا رسول الله إنّي اعتذر إليك من شيء أريده، أريد أن احبس موسى بن جعفر، فانه
يريد التشتت بين امتك!! وسفك دمائها، ثم أمر به، وكان الامام عليه‌السلام روحي فداه عند
رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائم يُصلّي فقطع صلاته وحمل وهو يبكي ويقول إليك اشكو يا
رسول الله ما يرد على أهل بيتك من شرار أمتك وأقبل الناس من كل جانب يبكون
ويضجون، فلما حمل إلى بين يدي الرشيد، سلّم على الرشيد فلم يرد عليه‌السلام وشتمه
وسبه وجفاه وقَيَّدهُ وغلّله فلما جنَّ عليه الليل أمر بقبتين فهيأ له فحمل موسى بن
جعفر عليه‌السلام إلى أحدهما في خفاء ودفعه إلى حسان السروي وأمره أنْ يسيرَ به في
قبة إلى البصرة فيسلمه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر وهو اميرها آنذاك، ووجه
قُبة أخرى علانية نهاراً إلى الكوفة معها جماعة ليعمي على الناس أمر موسى بن
جعفر، فقدم حسان البصرة قبل التروية بيوم فدفعه إلى عيسى بن أبي جعفر نهاراً
علانيةً حتى عرف ذلك وشاع أمره فحبسه عيسى في بيت من بيوت المجلس الذي
_________________________

(١) باقر شريف القرشي، حياة موسى بن جعفر ج ٢، ص ٧٤.