عرف الإمام فقد حل له كل شيء كان حرم عليه»(١). ولمّا بلغت بدعه والحاده الامام الصادقعليهالسلام تبرأ منه، ولعنه على رؤوس الاشهاد لانه كان من أصحابه وأتباعه ثم ارتدَّ بعد ذلك، وقد هرع عيسى الشلقاني إلى الإمام الصادقعليهالسلام يسأله عن رأيه في هذا الملحد الخطير، فقال الامام الصادقعليهالسلام : «يا عيسى ما منعك أن تلقى ابني ـ يعني الامام موسى ـ فتسأله عن جميع ما تريد؟» فانعطف عيسى نحو الامام الكاظم وكان آنذاك صبياً في المكتب فلما رآهعليهالسلام انبرى إليه مجيباً قبل أن يسأله قائلا له: «يا عيسى، ان الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق النبيين على النبوة فلم يتحولوا عنها أبداً، وأخذ ميثاق الوصين على الوصية فلم يتحولوا عنها أبداً، وأعار قوماً الايمان زماناً ثم سلبهم إياه، وإن أبا الخطاب ممن أعير الايمان ثم سلبه إياه...».
وأكبر عيسى جواب الإمام فقام إليه وضمَّه وقبّل ما بين عينيه وانطلق يقول: «بأبي أنت وأمي، ذرية بعضها من بعض والله سميعٌ عليم». ثم قفل راجعاً إلى الامام الصادقعليهالسلام فأخبره بالعجب الذي رآه من مواهب موسى بن جعفرعليهالسلام فقال له أبو عبدالله: «يا عيسى، ان ابني هذا لو سألته عمّا بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم...»(٢).
جاء الإمام موسىعليهالسلام إلى أبيه فأجلسه في حجره وكان معه لوح فقال له: يا بني اكتب «تنح عن القبيح ولا ترده» فلما رسم ذلك قال له يا بني اجزه، فاندفع فوراً يقول: «ومن أوليته حسناً فزده» ثم ألقى الإمام شطراً آخر يطلب منه اجازته وهو «ستلقى من عدوك كل كيد» فأجازه: «إذا كادَ العدو فلا تكده» وفرح الامام الصادقعليهالسلام بمواهب ولده وعبقريته فضمه إليه قائلاً: «ذرية بعضها من بعض»(٣).
_________________________
(١) حياة الامام موسى بن جعفر باقر القرشي ص ٦٦.
(٢) نفس المصدر السابق.
(٣) المناقب: ٢ / ٣٨٠.