13%

سقف الحجرة بعد الحريق إنما هو سقف المسجد ، وهو خلاف ما وجدنا الأمر عليه أيضا ، والله أعلم.

الفصل الثالث والعشرون

في عمارة اتفقت بالحجرة الشريفة على ما نقله الأقشهري عن ابن عاث ، وما

وقع من الدخول إليها عند الحاجة له وتأزيرها بالرخام

قال الأقشهري ، ومن خطة نقلت ما لفظه : أخبرنا الشيخ الراوية أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري الشاطبي قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله القضاعي الحافظ قال : حدثنا صاحبنا الرحال أبو عمر أحمد بن أبي محمد هارون بن عاث النفري قال : حدثت بالمدينة الشريفة ، أو قال بمدينة السلام ، بأنهم سمعوا منذ سنين قريبا من الأربعين هدة في الروضة الشريفة أي الحجرة فإنه يعبر عنها بذلك ، فكتب في ذلك إلى الخليفة ، فاستشار الفقهاء ، فأفتوا أن يدخلها رجل فاضل من القومة على المسجد ، فاختاروا لذلك بدرا الضعيف ، وهو شيخ فاضل يقوم بالليل ويصوم النهار ، وهو من فتيان بني العباس ، فدلى حتى دخل الروضة أي الحجرة ، فوجد الحائط الغربي قد سقط ، وهو حائط دون الحائط الظاهر ، فصنع له لبن من تراب المسجد ، فبناه وأعاده على هيئته كما كان ، ووجد هناك قعبا من خشب قد أصابه وقوع الحائط فكسره ، فحمل إلى بغداد مع شيء من تراب الحائط ، وكان يوم وصول ذلك بغداد يوما مشهودا تجمع لاستقباله الناس ، وازدحموا على رؤيته ، وعطلت الصناعات والبيع ، وكانت رحلة ابن عاث سنة ثلاث عشرة وستمائة ، وقد قال «قريبا من أربعين سنة» فيكون ذلك سنة سبعين وخمسمائة أو ما دون ذلك ، وهكذا ذكره في رحلته ومنها نقلته ، ويكون ذلك في دولة المستضيء بالله بن المستنجد بالله ، انتهى كلام الأقشهري.

ولعل هذا الحائط المنهدم في هذه العمارة إنما هو الشرقي من الجدار الداخل ، وأطلق عليه اسم الغربي بالنظر إلى الجدار الخارج الذي يليه ، فتكون هذه الواقعة هي التي اتفق فيها بناء الجدار المتقدم وصفه ، ووقع فيها تقديمه عن محله الأول ، وأبقوا رأسه كما تقدمت الإشارة إليه ، وهو إنما بنى بالحجر ، ولا يتأتى هناك بناء باللبن إلا في السترة التي جعلت على رأس الجدار ، فلعله أراد باللبن المتخذ من تراب المسجد هذا ، لكن في كلام ابن النجار ونقله من بعده وأقره ، ما يقتضي أنه لم يقع دخول إلى الحجرة الشريفة من سنة أربع وخمسين وخمسمائة إلى زمانه ، وقد توفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة ، فإنه قال في كتابه «الدرة الثمينة» ما لفظه : واعلم أن في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة سمعوا صوت هدة في الحجرة ، وكان الأمير قاسم بن مهني الحسيني ، فأخبروه بالحال ، فقال : ينبغي أن ينزل شخص إلى هناك ليبصر ما هذه الهدة ، فافتكروا في شخص يصلح لذلك ، فلم يجدوا لذلك إلا عمر