6%

الأسطوانة ، قال : فإني رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يتحرى الصلاة عندها» ولفظ مسلم عن سلمة أنه كان يتحرى موضع المصحف يسبح(١) فيه ، وذكر أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يتحرى ذلك ، وقد قدمنا في الكلام على المصلى الشريف ما يبين أن المراد هذه الأسطوانة.

أسطوان القرعة

ومنها أسطوان القرعة ، وتعرف بأسطوان عائشةرضي‌الله‌عنها ، وبالأسطوان المخلق أيضا ، وبأسطوان المهاجرين.

روينا في كتاب ابن زبالة عن إسماعيل بن عبد الله عن أبيه أن عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم وثالثا كان معهما دخلوا على عائشةرضي‌الله‌عنها فتذاكروا المسجد ، فقالت عائشة : إني لأعلم سارية من سواري المسجد لو يعلم الناس ما في الصلاة إليها لاضطربوا عليها بالسهمان(٢) ، فخرج الرجلان وبقي ابن الزبير عند عائشة ، فقال الرجلان : ما تخلف إلا ليسألها عن السارية ، ولئن سألها لتخبرنه ، ولئن أخبرته لا يعلمنا ، وإن أخبرته عمد لها إذا خرج فصلى إليها ، فاجلس بنا مكانا نراه ولا يرانا ، ففعلا ، فلم ينشب أن خرج مسرعا فقام إلى هذه السارية فصلى إليها متيامنا إلى الشق الأيمن منها ، فعلم أنها هي ، وسميت أسطوانة عائشة بذلك ، وبلغنا أن الدعاء عندها مستجاب ، هذا لفظ ابن زبالة.

وفي الأوسط للطبراني عن عائشةرضي‌الله‌عنها قالت : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إن في مسجدي لبقعة قبل هذه الأسطوانة لو يعلم الناس ما صلوا فيها إلا أن تطير لهم قرعة ، وعند عائشة جماعة من أبناء الصحابة فقالوا : يا أم المؤمنين وأين هي؟ فاستعجمت عليهم ، فمكثوا عندها ساعة ثم خرجوا وثبت عبد الله بن الزبير فقالوا : إنها ستخبره بذلك المكان ، فارقبوه في المسجد حتى تنظروا حيث يصلي ، فخرج بعد ساعة فصلى عند الأسطوانة التي صلى إليها عامر بن عبد الله بن الزبير ، فقيل لها : أسطوانة القرعة.

قال عتيق : وهي الأسطوانة التي هي واسطة بين القبر والمنبر : عن يمينها إلى المنبر أسطوانتان ، وبينها وبين القبر أسطوانتان ، وبينها وبين الرحبة أسطوانتان ، وهي واسطة بين ذلك ، وهي تسمى أسطوانة القرعة ، هذا لفظ الأوسط.

__________________

(١) السّبحة : صلاة التطوع وهي مواضع السجود.

(٢) السهم : القدح يقارع به أو يلعب به في الميسر ، أي الحظ والنصيب ، وما يفوز به الظافر بالقرعة.